الصحافة الالكترونية بالمغرب.. بين التقنين والفوضى

الطالب الباحث اشرف بوكنزير يكتب: الصحافة الالكترونية بالمغرب، بين التقنين والفوضى

حققت الصحافة الالكترونية بالمغرب طفرة كمية خلال العقود الخيرة,وذلك لارتباطها بثورة الانترنيت, والتقدم التقني والتكنولوجي الذي عرفته البشرية خلال النصف الخير من القرن العشرين,حيث أمست تشكل نواة حقيقية منافسة للصحافة التقليدية,وحققت نجاحا منقطع النظير بعد أن كسبت مكانة مهمة في صناعة الحدث و تجويد الخدمة العلامية من خلالها تقديمها على شبكة الانترنيت.
الصحافة الالكترونية,لازالت رضيعا أو مولودا جديدا يتطلب العناية وتضافر الجهود لخراج قانونها التنظيمي إلى حيز الوجود,فهي المهنة التي تتحول فيها القلام لخطوط عابرة للزمان والمكان في وقت قياسي, ومن سخرية المواقف المضحكة المبكية أن يلحق ممارسها النسيان ويتجرع مرارة الحرمان ومن حقه في العلاج.
مع غياب قانون واضح لتنظيم هذا المجال,وفي غياب سياسة تحريرية فعالة, وبوجود تشابه في أسماء الصحف,والمحتوى, نلاحظ أن القارئ أو المتلقي يمر مرور الكرام,دون أن يعر اهتمامه بما تقدمه الصحيفة الالكترونية من أخبار ,حيث نجده يكتفي بالعناوين التي شاهدها هنا وهناك لاسيما بعد انتشار ما يسمى ب « صحافة المواطن ».
إننا اليوم,نتحدث عن السلطة الرابعة, التي كان لها دور كبير منذ القدم,في نشر الوعي و الثقافة داخل المجتمع ,نظرا للمحتوى التثقيفي و العلمي والمعرفي التي كانت تقدمه ,ولكن بتطور التكنولوجيات الحديثة,أصبح العلام الالكتروني همه الوحيد, هو تحقيق هامش ربح,يغطي به احتياجات موقعه الالكتروني,لذلك نلاحظ عن كثب أن مختلف المواقع الالكترونية تعتمد على الشهار المباشر وغير المباشر ,لجذب أكبر عدد من المتصفحين,وأحيانا تعتمد على » الشعبوية » أثناء انتقائها للمواضيع,أو تحرير موضوع بسيط ,بعناوين أو صور مثيرة,طمعا في كثرة »النقر »و « التصفح »,ومن خلال ذلك تغيب المسؤولية وتقل روح احترام المتلقي وشرف مهنة الصحافة,لتلحق الصحف الالكترونية بنظيرتها الورقية التي فقدت قيمتها عند المتلقي حتى نفرها منذ سنين طويلة.
ولعل من بين ما تواجهه الصحافة الالكترونية هو الفراغ القانوني الذي تعانيه ,إضافة إلى النقص الواضح على مستوى المهنية وتفشي مظاهر عدم احترام حقوق النشر والملكية الفكرية مقابل ارتفاع الصوات المطالبة بفرض سلطة القانون لمنع التجاوزات الواسعة لحقوق النشر و الملكية الفكرية, و انعدام قانون يؤطرها.
هذا التقدم الكمي,والتطور المتنامي لهذا الوسيط العلامي الجديد,دفع بالمهتمين إلى التفكير في سبل النهوض بهذا القطاع و الاعتراف به , ثم تجويده وإدماجه في المنظومة العلامية الوطنية.
جاءت حزمة من القوانين لتسييج الصحافة الالكترونية,نتحدث هنا بالساس عن: قانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر قانون 89.13 المرتبط بالنظام الساسي للصحفيين قانون90.13 القاضيبإحداثالمجلسالوطنيللصحافة..إلخ
هي قوانين عززت الترسانة القانونية المتعلقة بالصحافة في المغرب,ولكن على مستوى الواقع,نجد جملة من التحديات التي تواجه هذا المجال,سواء تعلق المر بالتحدي التكنولوجي و بالمضمون الرقمي,و أخرى ,مرتبطة بأخلاقيات المهنة,وغياب قانون ينظم المقاولة العلامية الرقمية,علاوة على ضعف
التكوين والتأهيل ,في ظل إكراهات تقنية ومعلوماتية,وضعف الموارد المالية والبشرية,مع انتهاك
صارخ لحقوق الملكية الفكرية المنظمة بموجب قانون 2.00 المتمم بقانون 34.05 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة,التي أمست تخترق من طرف « الصحفي » عبر عوالم افتراضية واسعة ».
في المقابل نجد بعض الصحفيين في عدد من الصحف الالكترونية الوطنية و المحلية,يتوخون في نقلهم للخبر ضوابط مهنية وثقافية و علمية ,ويتمتعون بمصداقية عالية أثناء أداء واجبهم المهني,احتراما لمهنة وصفت لدى الكبار ب « صاحبة الجلالة »
ويمكن القول أنه إذا كانت هذه القوانين قد كبلت الصحافة الالكترونية,وقيدت حرية التعبير, فإنه في المقابل, نرى على أن حرية الصحافة و الرأي والتعبير هي عصب الحريات العامة,لا تنبت ولا تزدهر إلا في بيئية مجتمعية حاضنة, تعتمد على ثقافة العدل والمساواة وتحترم حقوق النسان السياسية والمدنية والدستورية ,الاجتماعية والاقتصادية والثقافية و الفكرية, وفق ما نصت عليه المرجعيات السماوية الوضعية الوطنية والقومية والدولية, خصوصا الميثاق العالمي لحقوق النسان و نصوص العهدين الدوليين المكملين له.
نلاحظ عن كثب, أن مصداقية الصحافة الالكترونية على المحك, فانتشار المواقع الالكترونية وانقلاب المفاهيم,وتضخيم الخبار,و تغليب النانية, وفي ظل تحقيق المنفعة الشخصية و انعدام نكران الذات كأسلوب من أساليب العمل الصحفي النزيه, يدفعنا إلى المقارنة بين الصحيفة الالكترونية في ظل روائح المصالح و النانية , و ركام الترويج و التزويق و التنميق, و البهرجة والتناقضات ,والتواطؤ والعداءات
,و تغليب الباطل على الحق والقذف والتشهير والشتم وتسويق الباطيل. وبين الصحافة المكتوبة اليومية والسبوعية التي تتوخى الدقة والمهنية في أخبارها.
نحن اليوم,لا نريد فبركات,وحروبا طاحنة ومنافسات غير شريفة,ومقالات مهيجة تبيع التمائم ,ولا نحبذ أن » يسود البياض أو يبيض السواد ».
ومع كل هذه الفكار و الطروحات, يظل السؤال المفتوح مطروحا »
هل تمارس الصحافة الالكترونية دورها بشفافية ومهنية وواقعية ,أم أنها تلهث وراء المفبركات و العناوين العريضة و المهيجات و الراء غير الناضجة؟
السؤال واضح,والجواب عندكم

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *