في ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة، يشهد التعاون المغربي الأمريكي تطورات جديدة تحمل في طياتها تحديات وفرصًا على حد سواء. تقرير حديث لمركز الفكر الأمريكي “أطلنتيك كونسل”، ومقره واشنطن، استعرض التحولات التي طرأت على هذه الشراكة الاستراتيجية، مسلطًا الضوء على إرث الإدارة السابقة بقيادة دونالد ترامب، وتوجهات الإدارة الحالية.
بحسب التقرير، اتسمت حقبة ترامب بسياسة خارجية براغماتية عززت العلاقات مع الرباط بشكل غير مسبوق. من أبرز معالم هذه المرحلة، دعم الولايات المتحدة القوي لسيادة المغرب على الصحراء، والذي تجسد في فتح قنصلية أمريكية في الداخلة، كخطوة رمزية وعملية تعكس الالتزام الأمريكي. في المقابل، لعب المغرب دورًا محوريًا في تعزيز المصالح الأمريكية بالمنطقة، بما في ذلك استئناف العلاقات مع إسرائيل في إطار اتفاقيات إبراهيم.
لكن مع تغيير القيادة في البيت الأبيض، بدأت ملامح جديدة تتشكل في العلاقة بين البلدين. المغرب يسعى جاهدًا للحفاظ على الدعم الأمريكي في قضية الصحراء، لكنه يواجه احتمالية أن تفرض الإدارة الحالية شروطًا مختلفة أو معايير جديدة في إطار هذا الدعم. داخليًا، تغير المزاج العام تجاه التطبيع مع إسرائيل بفعل التطورات الإقليمية، لا سيما مع تصاعد الأحداث في غزة، ما أدى إلى تراجع الحماس الشعبي لاتفاقيات إبراهيم.
رغم هذه التحديات، يشير التقرير إلى فرص واعدة لتعزيز التعاون بين الطرفين. مكافحة الإرهاب تبرز كواحدة من أهم مجالات التعاون، حيث يمكن للمغرب والولايات المتحدة العمل معًا لردع النفوذ الإيراني في منطقة الساحل. كما أن الاستثمارات الأمريكية، خاصة في مشاريع البنية التحتية الكبرى مثل ميناء الداخلة الأطلسي، تعد فرصة ذهبية لدفع عجلة التنمية الاقتصادية وخلق روابط إقليمية أعمق بين دول الساحل والمحيط الأطلسي.
على الصعيد العسكري، يبرز احتمال نقل مقر القيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) إلى المغرب كخيار استراتيجي. الموقع الجغرافي المميز للمغرب، وقربه من المناطق الساخنة في الساحل وغرب إفريقيا، يجعله شريكًا مثاليًا للولايات المتحدة في تعزيز الاستقرار الإقليمي. إضافة إلى ذلك، تعزز التدريبات العسكرية المشتركة، مثل مناورات الأسد الإفريقي، من عمق التعاون الدفاعي بين البلدين.
في النهاية، خلص التقرير إلى أن التحديات الحالية قد تعيق التقدم السريع في بعض الملفات، لكنها في الوقت نفسه تقدم فرصة لبناء شراكة أعمق وأكثر استدامة. حل قضية الصحراء المغربية قد لا يكون على رأس أولويات الإدارة الأمريكية، لكنه يظل ملفًا استراتيجيًا يجب معالجته لضمان استقرار المنطقة وتعزيز المصالح المشتركة.