الصحراء المغربية ..و انبعاث الروح الوطنية

علي الغنبوري

من المؤكد ان النجاح المغربي الباهر الذي انجزته القوات المسلحة الملكية من خلال تحريرها للكركرات و تطهيرها من عمليات البلطجة التي كانت تمارسها عناصر البوليساريو بهذه المنطقة ، كان منطلقا لتعبير مختلف فئات الشعب المغربي عن فخرها و اعتزازها بهذا النصر الوطني الكبير .

و صحيح كذلك ان الفخر و الاعتزاز الذي عبر عنه المغاربة بنجاح جيشهم و تفوقه و حسمه لهذه المعركة ، انطلق من شعور وطني بالغلبة و النصر ضد العدو ، لكنه كذلك نابع من ظهور وعي وطني عميق بالمشترك الجمعي للوطن ، الذي يبني الهوية الوطنية للمغاربة ،و يربطهم ببلادهم ،و يحدد انتمائهم اليها .

فرح المغاربة بقوة و نجاح جيشهم ، لم يكن عبارة عن احتفالات فنتازية او تباهي لحظي و ظرفي ، بل تجسد على شكل انخراط طوعي و شامل في الدفاع عن الوطن و عن قضيته العادلة ، من خلال التفافهم اولا حول وطنهم و مؤسساته ، و ثانيا من خلال المواجهة المباشرة مع خطابات التيئيس و التزييف و الكذب .

وتابعنا كيف انبرت الاحزاب المغربية كل من موقعها و حسب امكانياتها للدفاع عن عدالة القضية الوطنية وتثبيت شرعية النصر المغربي داخليا و دوليا ، و تابعنا كذلك كيف تطوع الشباب المغربي لمواجهة الاكاذيب و الاختلاقات التي قام بها العدو داخل مواقع التواصل الاجتماعي ، و كيف حاصروا هذه العناصر بالحقائق و بالبراهين و النقاشات الجادة و الموضوعية ، كما تابعنا المبادرات الخلاقة للمجتمع المدني للدفاع عن القضية الوطنية و التاكيد على عدالتها و شرعيتها .

هذا الاجماع الوطني و الانخراط الطوعي للمغاربة ، هو تأكيد قطعي على عمق الروح الوطنية لدى الشعب المغربي ، و هو كذلك تأكيد على صلابة الجبهة الداخلية ،و الايمان المطلق للمغاربة بمغربية الصحراء ، و هو ايضا تعبير صريح على تمسك المغاربة بهويتهم و بوطنهم .

عدالة قضية الصحراء المغربية ، يجب ان تتحول الى محرك رئيسي للمشروع الوطني لبناء المغرب القوي و المتقدم ، من خلال استغلال الروح الوطنية العارمة للمغاربة ، و استثمارها في اعادة تحفيز مختلف فئات و بنيات الشعب المغربي على الانخراط الجاد و المسؤول في هذا المشروع ، انطلاقا من الثوابث الوطنية و وصولا الى المغرب الذي يعتز الكل بالانتماء اليه .

المغرب اليوم محتاج الى الروح الوطنية الموحدة لكل ابنائه ، و محتاج كذلك لوعي الكل برهاناته و تطلعاته ، فبناء المغرب لن يكون الا عبر الانخراط الوطني لكل فئاته و مكوناته ، و لن يكون كذلك الا عبر التمسك بثوابته و بعناصر اجماعه ، و الايمان المطلق غير القابل للتأويل بوحدة اراضيه و ترابه الوطني .

وحدة الوطن الترابية و المجتمعية ، يجب ان تكون الاساس الصلب و الوحيد لكل المنطلقات و المشاريع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية المختلفة داخل المغرب ، فبدونها لا يمكننا الرهان على اي شيء ، فلا الديمقرايطة و لا العدالة و لا الحداثة و لا الطموحات المختلفة للبناء المغربي ، يمكنها ان تتحقق بدون الوطنية التي تكرس الوحدة الترابية للوطن .

فاذا كان المشروع الوطني الذي ننشده يهدف الى اشراك كافة مكونات الشعب المغربي في تنزيل مضامينه و توجهاته ، فان الوطنية هي المحفز القوي لإحقاقه واستمراره، فهي تنطلق من حب الوطن والعمل على تقدمه وازدهاره وتتجه نحو الحفاظ على مكتسباته وعلى ملامحه ونقط قوته وتميزه عن باقي الكيانات.