الدكتور محمد البغدادي (باحث في العلوم القانونية بكلية الحقوق بطنجة)
على الرغم من الجهود الأممية والمحاولات الغربية في التخفيف من حدة لغة التصعيد والتجاذبات والانقسامات الجيو السياسية بشأن تطورات الأزمة الأوكرانية بين روسيا والغرب، ومواصلة الغرب في الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري لأوكرانيا، واستمرار الضغوطات الاقتصادية الغربية ضد موسكو، فإن قرار مشروع الأممي المتعلق بإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا يعرف نقاشات وخلافات واختلافات حادة سواء على صعيد مجلس الأمن الدولي بتاريخ 25 فبراير 2022 أو الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتاريخ 2 مارس 2022، وذلك تماشيا مع أحكام القانون الدولي وانتهاكا للفقرة الرابعة من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على أن يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة.
وتجدر الإشارة إلى أن قرار مشروع الأممي بشأن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا أضحى غير ملزم اليوم من الناحية القانونية، بل هو رمزي من المنظور السياسي، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار العديد من المتغيرات والمحددات الجيو السياسية الجديدة، ووجود المعادلات الجيو استراتيجية الحديثة من خلال تصارع واصطدام الاستراتيجيات الغربية الروسية.
كما أن قرار مشروع الأممي تم رفضه من الجانبين الروسي والصيني من خلال استخدامهما لحق النقض المعروف بالفيتو باعتبارهما عضوين دائمين في مجلس الأـمن الدولي، الأمر الذي يجعل الجمعية العمومية للأمم المتحدة في موقف ضعيف التي هي قراراتها ليست تنفيذية، بل هي رمزية من الناحية السياسية.
وفي هذا السياق، فإن السؤال الكبير والعريض الذي يثار بشدة هو: ما هو مستقبل النظام الدولي ما بعد انتهاء الأزمة الأوكرانية الروسية؟ .