الفلاحة المغربية تختنق تحت وطأة الجفاف.. هل من مخرج؟

يعاني المغرب، كغيره من دول المنطقة المغاربية، من تحديات متزايدة بسبب تفاقم ظاهرة الجفاف الناتجة عن التغير المناخي. فقد شهدت البلاد تدهورًا واضحًا في الظروف المناخية منذ عام 2018، وفقًا لتقرير “أطلس الجفاف العالمي”، الذي سجل انخفاضًا حادًا في معدلات الأمطار وارتفاعًا في شدة الجفاف. هذه التغيرات المناخية ألحقت أضرارًا كبيرة بالزراعة وموارد المياه، مما أدى إلى تأثيرات مباشرة على الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية، لا سيما في المناطق الريفية التي تعتمد بشكل رئيسي على النشاط الزراعي.

في عام 2023، سجلت المساحات المزروعة في المغرب انخفاضًا ملحوظًا، ما تسبب في تراجع إنتاج المحاصيل الأساسية وزيادة الاعتماد على الاستيراد، حيث اضطرت البلاد إلى استيراد مليوني طن من القمح لتلبية الاحتياجات المحلية. هذا الوضع يعكس التحديات الكبيرة التي يواجهها القطاع الزراعي في ظل تراجع الإنتاج المحلي وتصاعد انعدام الأمن الغذائي.

ويشير تقرير صادر عن “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر” إلى أن المغرب شهد أحد أكثر الأعوام جفافًا في تاريخه الحديث، وهو جزء من نمط متزايد في منطقة المغرب العربي، التي شهدت انخفاضًا بنسبة 61% في معدلات الأمطار على مدى العقدين الماضيين. التقرير دعا إلى تبني استراتيجيات شاملة لمواجهة الأزمة، تشمل تحسين إدارة الموارد المائية، اعتماد تقنيات زراعية مستدامة، وتعزيز قدرة المزارعين على التكيف من خلال تنويع المحاصيل واستثمار تقنيات الحفاظ على المياه.

كما أوضح التقرير أن الجفاف له تداعيات واسعة النطاق تتجاوز الأبعاد البيئية لتشمل الجوانب الاجتماعية والاقتصادية. فقد أدى تدهور الأراضي وزيادة الإجهاد المائي إلى تعميق الأزمات في المناطق الأكثر تضررًا. وللتعامل مع هذه التحديات، أطلق المغرب عدة مبادرات تهدف إلى تحسين كفاءة استخدام المياه وتعزيز الاستثمارات في الزراعة المستدامة. إلا أن التقرير يشدد على أن هذه الجهود تتطلب دعمًا إضافيًا من خلال التعاون الدولي والإقليمي، ولا سيما عبر مبادرات مثل “التحالف الدولي للصمود أمام الجفاف”، الذي يسعى إلى تعزيز تبادل المعرفة وبناء المرونة في مواجهة الكوارث المناخية.

ويبرز التقرير أهمية إشراك المجتمعات المحلية في اتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة الموارد الطبيعية، مع توفير الدعم الفني والمالي للمزارعين والصيادين وغيرهم من الفئات المتضررة. كما دعا إلى اعتماد نهج استباقي لإدارة مخاطر الجفاف، بدلاً من الاقتصار على الاستجابة الطارئة. خارطة الطريق المقترحة تتضمن تحسين البنية التحتية المائية، الاستثمار في البحث العلمي لفهم التغيرات المناخية، وتطوير تقنيات زراعية مبتكرة تضمن استدامة الموارد وتعزز الأمن الغذائي على المدى الطويل.