علي الغنبوري
فجأة ظهرت السيدة منيب لترغد و تزبد على القاسم الانتخابي ، و تقول بملئ فمها ، أنه غير ديمقراطي و انه يستهدف جهة معينة ، و انها و حزبها ضد هذه الألية الانتخابية التي يراد بها ضرب المسار الديمقراطي المغربي ، و لتختتم هذه “المندبة” الكبيرة لصالحها بالقول ان العدالة و التنمية يبكون على الريع و ليس الديمقراطية .
كان من الممكن ان يكون لكلام نبيلة منيب معنى تحترم و تقدر عليه ، لكن هذا الكلام الذي تفوهت به لا يعدو أن يكون سوى رواسب متجدرة لمنطق “انا وحدي مضوي البلاد” او بمعنى اخر ” انا وحدي ديمقراطي”، فالسيدة منيب قالت بالحرف ان الوقوف حول القاسم الانتخابي ليس مهما و ان الاهم هو ان تكون الانتخابات ديمقراطية و شفافة و بدون تزوير .
كما أن السيدة منيب التي توارت طيلة مدة مناقشة القوانين الانتخابية داخل البرلمان و لم يصدر عنها اي موقف ، حتى على سبيل الهرج السياسي ، انفكت عقدة لسانها اليوم بعد ان تم التصويت بالبرلمان و أصبح القاسم الانتخابي الجديد واقعا سياسيا يؤطر الانتخابات ، و تأكدت بما لا يدع مجالا للشك أن الأمر غير قابل للتراجع عنه ، لتحمل مدفعيتها الثقيلة و تقصف الكل .
ما تقوم به اليوم الأمينة العامة لليسار الاشتراكي الموحد ، هو نوع من “النزق” السياسي يمكن شرحه بالمثل الدارج ” عيني منو او يخ فيه ” ، بمعنى انها تمارس الاحتيال السياسي بمعناه الصريح ، فالحزب بكل مكوناته لازم الصمت طيلة مسار المصادقة على القوانين الانتخابية ، بل ان ممثليه في البرلمان لم يصوتوا ضد هذه القوانين ، و اليوم بعد ان اكتسبت شرعيتها ، خرجوا ليعلنوا عن موقفهم الرافض و المهاجم لها.
الديمقراطية لا تبنى بالاهواء و المواقف الإنتهازية ، و المتربصة ،بل تبنى بالمبادئ و المواقف الواضحة ، و لا تستقيم مع إزدواجية الفعل السياسي ،فلا يمكن اليوم لليسار الاشتراكي الموحد و أمينته العامة ، الاستمرار في منطق التزييف و الخلط و المراوغة السياسية الأنانية ، فاذا كانت منيب ترفض هذا القاسم الانتخابي ، فكان عليها و على حزبها ان يتحلوا بالوضوح اللازم في بدايته و انطلاقة النقاش و السجال حوله ،وليس في مرحلة اقراره و تبنيه ،في خطوة إنتخابوية مقيتة و صبيانية .
ما تقوله السيدة منيب في حق القاسم الانتخابي اليوم ، يقتضي أن لا يشارك حزبها في الانتخابات المقبلة ، و ان لا نراها هي نفسها على رأس لائحة من اللوائح الانتخابية ، و الا سيتحول الامر الى انتهازية بغيضة ، لا تتوافق مع قيم اليسار التي تتشدق علينا بها في كل ساعة و حين .
لا يمكن لليسار و امينته العامة ان يستمروا في تقديم الدروس للكل ، بينما هم يتحينون الفرص لجني ثمار ما ينتقدون عنه الاخرين ، فهم مطالبين اليوم بالوضوح السياسي ، و بالحرأة و النزاهة السياسية ،و الابتعاد عن منطق التصابي السياسي ، و الانخراط المسؤول في المسار السياسي الوطني ، بما يضمن البناء الديمقراطي الجاد و المسؤول للمؤسسات الوطنية .