بعد الإنجاز التاريخي لمنتخب المغرب لكرة القدم ببلوغه ربع نهائي مونديال قطر 2022، يتحدث طلال القرقوري، المدافع السابق لفريق باريس سان جرمان الفرنسي، الذي حمل ألوان بلاده في 53 مباراة دولية بين 2000 و2009، في مقابلة مع وكالة فرانس برس، عن أسباب هذا النجاح وتشابهه مع جيل 1986 الذي كان أول منتخب إفريقي يتخطى دور المجموعات.
ما سر نجاح هذا الجيل في المنتخب المغربي؟
أعتقد، أولا، في نظام اللعب لدى المدرب وليد الركراكي من خلال خطة 4-3-3. المسافة بين الخطوط قليلة جدا، وأيضا بين اللاعبين. في الحالة الدفاعية تكون المسافة قليلة جدا، فيصعب على الخصم التمرير والاختراق وتسجيل الأهداف. الدليل على ذلك هو أن المنتخب المغربي اليوم هو صاحب أقوى دفاع باستقبال شباكه لهدف واحد (في أربع مباريات).
الشيء الآخر، عندما تكون لاعبا في المنتخب المغربي، فأنت لا تلعب لأجل راتب شهري بل لإسعاد الجماهير. تشعر بأن اللاعب المغربي في الميدان حتى لو كان مصابا يريد إنهاء المباراة لمصلحته، ويلعب بشراسة وروح قتالية.
أشرف حكيمي، منذ بداية المونديال، يلعب وهو مصاب في العضلة الخلفية على ما أعتقد، وكذلك اللاعب نصير مزراوي الذي أصيب في المباراة الأولى؛ لكنه يشارك في كافة المباريات ما عدا المباراة الأخيرة (120 دقيقة). كان مستحيلا أن يكملها بسبب آلام في الحوض. الجيل لديه رغبة وعزيمة وإرادة.
اللاعبون يلعبون في الدوريات الأوروبية القوية، مثل الإنجليزي والإسباني والإيطالي؛ وأيضا منهم من يلعب في أندية صغيرة ويريد إثبات نفسه للانتقال إلى أندية أفضل.
ما هو دور المدرب وليد الركراكي في منظومة النجاح؟
الطريقة التي ينتهجها وليد، سواء خلال المباريات الأولى والأخيرة أمام المنتخب الإسباني، هي التي منحته الفارق. أفضل طريقة ضد المنتخبات القوية هي أن تنتظر أخطاءها ولا تقوم بعملية الضغط العالي؛ لأنك، حينها، ستترك المساحات وتصبح المسافة كبيرة بين اللاعبين”.
الركراكي يتكلم ثلاث أو أربع لغات، وهو مولود في فرنسا، ولديه نفس العقلية بحكم أن معظم اللاعبين ولدوا خارج المغرب، يعرف كيف يتكلم معهم ويوصل إليهم الرسائل ويشجعهم. أكيد أنه كسب أيضا خبرة من خلال تدريبه في الدوري المغربي، وتمكن من خلق أجواء جيدة في المنتخب.
إلى أي مدى ساعدت إقامة المونديال في بلد عربي على دعم المنتخب واللاعبين؟
إقامة المونديال في دولة عربية ساهمت أولا في عملية الحصول على التأشيرة، وموقع قطر ساعد على مجيء العديد من المقيمين في دول الخليج.
الحضور الكثيف للجماهير أثر على الخصم ودفع باللاعبين من أجل الحصول على النتائج. تواجد الجماهير ساعد كثيرا ليس فقط المغرب؛ بل أيضا السعودية أمام الأرجنتين وتونس أمام فرنسا، وكان الأخيران يستحقان التأهل.
تنظيم المونديال في قطر كان له أثر كبير على اللاعبين العرب، وخصوصا على المنتخب المغربي.
كيف سيواجه الركراكي البرتغال، هل بنفس طريقة إسبانيا؟
خاض المغرب المباريات الأربع الأخيرة بالطريقة نفسها لناحية الأفكار واستراتيجية اللعب، أن تدافع بطريقة جيدة وتستغل أخطاء الخصم؛ وهذا ما حصل، حيث دخلت شباكنا فقط هدف واحد بالخطأ. لا أعتقد سيكون هناك تغييرات على طريقة اللعب؛ لكن في التشكيلة الأساسية بحكم الإصابات، مثل نايف أكرد ورومان سايس.
هل تفوق هذا الجيل على جيل 1986، الذي بلغ ثمن النهائي؟
لا يمكن أن نقارن جيلا بجيل. ما حققه جيل 1986 كان رائعا آنذاك. الفوز على البرتغال والحصول على نتائج إيجابية في دور المجموعات كان، بالفعل، إنجازا رائعا. اليوم، تختلف الأمور؛ لأن المنتخب المغربي تأهل إلى ربع النهائي. لا أقول إن هذا الجيل تفوق.. لا، كرة القدم تطورت وهي تختلف كل 5 سنوات من الناحية العلمية والبدنية والتكتيكية.
الأمور أصبحت متطورة. وأسأل اليوم، هل كرة الرحلة التي فيها شريحة كانت موجودة في 86 أو الخمسينيات والأربعينيات؟. هناك تطور كبير بدنيا وتكتيكيا، فالمقارنة بين هذا الجيل وجيل 86 لا مجال لها.