مولاي عبد الكريم الامراني/هاشتاغ
ليس “الكتاب الأبيض” الذي يروّج له حزب التجمع الوطني للأحرار سوى أحدث تجليات الخداع السياسي الممنهج، ومحاولة فجة لتغليف الفراغ بالألوان، وتقديم العجز الحكومي في قالب أنيق يصلح للاستهلاك الإعلامي لا أكثر.
في بلد تُسحق فيه ملايين النساء تحت وطأة الفقر، والهشاشة، والعمل غير المهيكل، يخرج الحزب الذي يقود الحكومة ليحدثنا عن وثيقة مرجعية بلا مرجعية، وعن ترافع بلا قضايا، وعن بياض لا يعكس سوى بياض الصفحات الخاوية من أي التزام اجتماعي حقيقي.
في السياسة، البياض لا يعني الطهارة دائمًا.
أحيانا يعني المحو، والطمس، والتواطؤ الصامت مع واقع أسود.
وحزب أخنوش، بدل أن يواجه فشله في تحسين أوضاع النساء، اختار الطريق الأسهل:
تغيير العناوين، تلميع الخطاب، وإعادة تدوير الشعارات، وكأن الأزمة اجتماعية لغوية، لا سياسية اقتصادية.
أي امرأة هذه التي يتحدثون عنها؟
امرأة الشركات؟
امرأة الامتيازات؟
امرأة الصور الرسمية والندوات المغلقة؟
أما امرأة الضيعات والمعامل والمناولة، تلك التي تُستغل بأبخس الأجور وتُطرد عند المرض والحمل، فليست ضمن الحسابات، لأنها ببساطة تُفسد الصورة الوردية التي يريد الحزب تسويقها.
الأمر لا يتعلق بسوء تقدير، بل بـنفاق سياسي مكتمل الأركان.
كيف لحزب يقود حكومة ساهمت سياساتها في:
رفع الأسعار
ضرب القدرة الشرائية
توسيع الفوارق الاجتماعية
تكريس منطق الريع والشركات الكبرى
أن يتحدث عن “تمكين المرأة” دون أن يخجل؟
أي تمكين هذا، والمرأة تُشغَّل دون عقد؟
أي كرامة، والنساء يُستعملن كيد عاملة رخيصة؟
أي عدالة، والسياسات العمومية نفسها تضاعف هشاشتهن؟
الأخطر في هذا “الكتاب الأبيض أنه لا يحاول فقط الهروب من المسؤولية، بل يحاول إعادة كتابة الواقع، وتقديم الاستغلال كأنه نقاش فكري، والفقر كأنه اختلاف في المفاهيم.
إنه تبييض للفشل الحكومي باسم المرأة،
وتسويق للفراغ باسم الحقوق،
وتحويل المعاناة الحقيقية إلى مادة تواصلية بلا روح.
فالمرأة المغربية لا تحتاج إلى نصوص بلا أثر،
ولا إلى مبادرات بلا ميزانيات،
ولا إلى ألوان سياسية تُغيَّر كلما اسودّ الواقع.
الخلاصة: المرأة ليست أداة دعاية
المرأة المغربية ليست عنوانًا انتخابيًا،
ولا واجهة حزبية،
ولا منتجًا سياسيًا قابلًا للتسويق.
هي إنسان يُسحق يوميًا بسياسات واضحة ومسؤولين معروفين.
وإن كان هذا هو “الكتاب الأبيض”،
فالأجدر تسميته دفتر الإنكار،
أو وثيقة الهروب من المحاسبة.
بل إلى فراغ سياسي لا يمكن تغطيته مهما تغيّرت الألوان.
إ






