هاشتاغ _ الرباط
مع اقتراب الساعات الأخيرة من انتهاء المهلة القانونية للتسوية الطوعية للوضعية الجبائية، تشتعل الوكالات البنكية في المغرب بنشاط استثنائي غير معهود. مشهدٌ يعكس حالة من الاستنفار بين أوساط رجال الأعمال، والمؤثرين، وصنّاع المحتوى على منصات الإنترنت، إلى جانب المقاولين في مختلف القطاعات الاقتصادية، خصوصًا في مجالات البناء والأشغال العامة. هذه الفئات، التي لطالما تباينت مواقفها إزاء النظام الضريبي، وجدت نفسها اليوم أمام فرصة أخيرة لتصحيح أوضاعها الجبائية في إطار مسطرة تُغري بوضوحها وسلاسة شروطها.
وأفادت مصادر موثوقة لموقع “هاشتاغ” أن مناطق استراتيجية، في المدن الكبرى كالداراابيضاء وطنجة وأكادير والرباط ومراكش، شهدت إقبالًا لافتًا على الشبابيك البنكية التي استُنفرت خصيصًا لاستقبال المودعين، حيث حضر هؤلاء محملين بمبالغ نقدية كبيرة، تجاوزت في كثير من الأحيان 150 مليون سنتيم للإيداع الواحد، ضمن عملية تسوية طوعية تُتيح لهم دفع مساهمة إبرائية بنسبة 5% فقط من قيمة الأموال المصرّح بها، مما يعفيهم من أي مراجعة أو تدقيق ضريبي مستقبلي.
عملية التسوية هذه ليست مجرّد إجراء تقني، بل هي مسطرة دقيقة تتطلب من المصرّحين تقديم بيانات شاملة تعكس أصول الأموال المصرح بها، سواء كانت ممتلكات منقولة أو عقارات أو سلفات أو قروض مدرجة في الحسابات الجارية للشركاء أو في حسابات الشركات.
وتشمل الاستمارة المطلوب تعبئتها تفاصيل دقيقة كالأسماء الكاملة، أرقام التعريف الضريبي، بطاقات الهوية الوطنية أو الإقامة، وعناوين الموطن الضريبي، كما تتضمن تحديدًا دقيقًا للممتلكات وأصولها، ومبالغ القروض أو السلفات، مع الإشارة إلى السنوات التي تغطيها التصريحات، في حدود أربع سنوات ماضية.
وعلى الرغم من تطمينات المديرية العامة للضرائب بشأن سرية هذه المعلومات، فإن المشهد لا يخلو من توجس واضح بين المودعين، الذين يخشون أن تصبح هذه التصريحات مدخلًا لاستهدافهم لاحقًا بعمليات تدقيق جبائية، حيث يزداد هذا القلق بين المقاولين الذين طالما عانوا من تضارب بين الذمم المالية الشخصية والتجارية، أو لدى أولئك المتورطين في معاملات مالية مشبوهة، مثل البيع بـ”النوار”، الذي يترك أثرًا خفيًا ولكنه يثقل كاهل النظام المالي.
ومع ذلك، تسعى الجهات المعنية، بما في ذلك الأبناك نفسها، إلى تعزيز الثقة في هذه العملية، إذ أكدت المديرية العامة للضرائب أن المبالغ المصرح بها لن تُستخدم كأساس لأي مراجعة جبائية مستقبلية، مشددة على أن الأبناك لا تُرسل أي معلومات حول هوية المودعين إلى مصالح الضرائب. وبهذا، تبقى العملية محصّنة بسياج من السرية، مما يُشجع المتخلفين عن التصريح على الإقبال بثقة.