بوبكري خالد
تحول ما يسمى بـ”المؤثرين” في المغرب من ظاهرة إعلامية هامشية إلى أداة يستعملها المسؤولون والأحزاب لتزيين قراراتهم أو التغطية على فشلهم في مشهد يختزل عمق أزمة النخب والتسيير والتدبير.
أحدث الأمثلة ما أقدم عليه فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، عند افتتاح مركب مولاي عبد الله في حلته الجديدة، حين أغدق أموالاً طائلة على مؤثرين من كل حدب وصوب للترويج للمنتوج الكروي المغربي بدل توجيهها إلى ما ينفع العباد والبلاد.
كيف يعقل أن يمنح شرف تمثيل صورة المغرب الرياضية لمؤثرين لا تكوين لهم ولا خبرة، ليقدموا فجأة كصناع صورة البلاد؟
لقد كان الأجدر – بل من الواجب – على لقجع أن يستعين بكبار الصحفيين الرياضيين العالميين وأساطير اللعبة وخبراء الرياضة والمعمار والسياحة، أصحاب الكفاءة والمصداقية، القادرين فعلاً على الترويج المهني والمثمر للمنتوج الوطني بدل تبذير المال العام على وجوه تصنع التفاهة أكثر مما تصنع الإنجاز.
المشهد نفسه تكرر على الطريقة السياسية مع نبيل بنعبد الله، الذي اختار في منتصف الليل أن يعلن للمغاربة انضمام المؤثرة مايسة سلامة إلى حزبه، وكأنه إنجاز تاريخي سيغير موازين اللعبة والنظام السياسي بالمغرب .
الحزب الذي من المفترض أن يقوم بدور التأطير وصناعة الكفاءات بات يستسهل استقطاب وجوه “البوز” بدلا من إنتاج نخب جديدة ومشاريع حقيقية تخاطب وتنصت للمجتمع بجدية.
هنا يتضح أن “المؤثر” أصبح وسيلة لتلميع صورة قديمة بدل أن يكون فاعلا في نشر الوعي أو إثراء النقاش العمومي.
من لقجع إلى بنعبد الله القاسم المشترك واحد: “تأجير” المؤثرين لتلميع السياسات أو التغطية على الاختلالات، بدل الاستثمار في الخبرة والجدية والعمل الميداني.
والحقيقة هي أن “المؤثر” تحول إلى سلعة سريعة الاستهلاك تبيع الوهم ولا تقدم قيمة مضافة بينما يظل المواطن في الهامش ينتظر خدمات صحية وتعليمية ورياضية حقيقية.
هذه الممارسات لا تسيء فقط إلى صورة المؤسسات بل تبخس أي معنى للعمل العام وتحوله إلى عرض على مواقع التواصل بدل أن يكون مشروعا لخدمة الوطن.