لا تزال صفقات وكالة التنمية الرقمية تثير المزيد من الجدل، حيث ينتظر أن تفتح يوم غد الاثنين 17 فبراير 2024، أظرفة صفقة طلب عروض مبسط رقم 01/2025، والمتعلقة بوضع خدمة الأنترنت WIFI عمومي مجاني خلال معرض جايتكس أفريقيا 2025، المقرر تنظيمه بمدينة مراكش بحر شهر أبريل المقبل.
وحسب الوثائق التي يتوفر عليها موقع “هاشتاغ”، فقد خصصت الوكالة مبلغا تقديريا للصفقة بقيمة 950.400,00 درهم، مع تحديد الضمان المؤقت في 19.000,00 درهم، وهو مبلغ يثير الكثير من التساؤلات حول مدى عقلانية هذه التكلفة وما إذا كانت تعكس القيمة الحقيقية للخدمة المطلوبة خلال فترة 3 أيام من الحدث، إضافة إلى 4 أيام قبل انطلاقه، أم أنها تضخم مفتعل يخفي وراءه مستفيدين بعينهم.
والأخطر من ذلك أن تفاصيل الصفقة حسب مصادر موقع “هاشتاغ” تكشف عن اشتراطات قد تكون مصاغة بذكاء لإقصاء المنافسة، وفتح الباب أمام فئة معينة من الشركات، في سيناريو مألوف داخل وكالة التنمية الرقمية لتمرير الصفقات العمومية لخدمة لوبيات محددة.
وتكشف المواصفات التقنية المدرجة في الصفقة عن مجموعة من المعايير التي يجب أن تتوفر في الحلول المقترحة، والتي يبدو أنها مفصلة على مقاس شركة بعينها، بدل أن تفتح المجال أمام تنافس شفاف بين مختلف الفاعلين في المجال، حيث حين تشترط الوكالة أن يكون المورد مصنفا ضمن “الرائدين أو أصحاب الرؤية” وفق تصنيف Gartner 2024.
وتشدد الوكالة على أن الشبكة اللاسلكية يجب أن تكون ذات تغطية واسعة، قادرة على استيعاب 512 مستخدمًا لكل نقطة ولوج، مع ترددات مزدوجة (5GHz و2.4GHz)، ودعم أحدث بروتوكولات التشفير WPA3 لضمان الأمن المعلوماتي. كما يُطلب أن تكون نقاط الولوج قادرة على العمل بشكل مستقل حتى في حال انقطاع الاتصال بوحدة التحكم.
أما على مستوى مفاتيح الشبكات، فتشمل الصفقة تزويد الوكالة بـ Switches PoE+ مكونة من 24 منفذًا، بسعة تحويل تصل إلى 248 جيجابت/الثانية، مع إمكانية التوصيل عبر الألياف البصرية وتقنيات الطاقة عبر الإيثرنت (PoE 802.3af/at)، مما يسمح بتشغيل نقاط الولوج من دون الحاجة إلى مصدر طاقة خارجي. كما سيتم تزويد الشبكة بمفاتيح تجميع Aggregation Switches بسعة تصل إلى 880 جيجابت/الثانية، مع دعم تقنيات QoS لضمان إدارة الأولويات في تدفق البيانات.
ومن بين الشروط التقنية الأخرى التي يتوجب توفرها، تنص الصفقة على توفير بوابة وصول مقيدة (Captive Portal) تدعم عدة طرق مصادقة، بما في ذلك تسجيل الدخول عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية أو وسائل التواصل الاجتماعي، مع إمكانية تخصيص التصميم لضمان تجربة استخدام متميزة. كما يُطلب تفعيل نظام جدار الحماية (Firewall) بمعايير متقدمة لحماية الشبكة من الهجمات السيبرانية، بما في ذلك فحص TLS، الحماية من التهديدات المتقدمة (ATP)، وتحليل حركة المرور لاكتشاف أي سلوك مشبوه.
وفيما يتعلق بالجوانب اللوجستية، يُلزم الفائز بالصفقة بتوفير 100 نقطة ولوج WiFi على الأقل لضمان التغطية الكاملة للموقع، مع فريق دعم ميداني مكون من 10 تقنيين مختصين خلال فترة 3 أيام من الحدث، إضافة إلى 4 أيام قبل انطلاقه لضمان عملية التركيب والإعداد.
أما فيما يخص الموارد البشرية المطلوبة لتنفيذ المشروع، فتشترط الوكالة توافر مهندس تصميم حاصل على شهادة Bac+5 وخبرة لا تقل عن 5 سنوات، إلى جانب مهندس إداري بخبرة 8 سنوات على الأقل، بالإضافة إلى رئيس مشروع بخبرة تفوق 10 سنوات حاصل على شهادات CWNA وCWISA.
ولتفادي أي أعطال قد تؤثر على سير الخدمة، حددت الوكالة معايير صارمة للتدخل، حيث يجب حل أي مشكلة رئيسية تتسبب في توقف الخدمة خلال 30 دقيقة من اكتشافها، بينما يتم التعامل مع الأعطال المتوسطة خلال ساعتين، أما الأعطال البسيطة فتُعالج خلال مدة أقصاها 4 ساعات.
وتطرح هذه الصفقة تساؤلات جدية حول أوجه صرف المال العام، لا سيما أن وكالة التنمية الرقمية لها تاريخ فضائحي في تدبير الصفقات، حيث سبق أن أثارت مشاريعها الكثير من الجدل بسبب التكلفة المبالغ فيها، فكيف يمكن تبرير تخصيص 950 ألف درهم لخدمة إنترنت مؤقتة، في وقت قد يمكن فيه تنفيذ المشروع بمبلغ أقل؟ ولماذا تستمر الوكالة في وضع شروط تقنية تبدو وكأنها مفصلة مسبقًا لإقصاء المنافسة وفتح الباب أمام شركات معينة؟.