و.م.ع
أصدر المجلس الأعلى للحسابات، اليوم الثلاثاء، تقريره المتعلق بتدقيق حسابات الأحزاب السياسية برسم سنة 2023، وفحص صحة النفقات المصرح بها برسم الدعم العمومي الممنوح لها، للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها وتنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية، وذلك في إطار المهام والاختصاصات المنوطة به، طبقا لأحكام الفصل 147 من دستور المملكة، ومقتضيات المادة 44 من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية، والمادة 3 من القانون المتعلق بمدونة المحاكم المالية.
وأشار بلاغ صادر عن المجلس الأعلى للحسابات إلى أنّ هذا التقرير يتضمن في جزئه الأول عرضا للنتائج العامة للتدقيق، بما في ذلك تتبع إرجاع مبالغ الدعم إلى الخزينة، سواء تعلّق الأمر بدعم غير مستحق أو غير مستعمل، أو مستعمل في غير الغايات المخصّصة له، أو الذي لم يتم إثبات صرفه بواسطة الوثائق المبررة.
ويتناول هذا الجزء أيضا مدى تنفيذ التوصيات الصادرة عن المجلس في تقريره السابق، خاصة تلك المتعلقة بإنجاز المهام والدراسات والأبحاث التي التزمت بها الأحزاب في إطار الدعم السنوي الإضافي لسنة 2022، والإدلاء بمخرجاتها للمجلس. أمّا الجزء الثاني من التقرير، فيعرض نتائج التدقيق الخاصة بكل حزب سياسي على حدة.
وفي ما يخص تقديم الوثائق والمستندات المكونة للحسابات السنوية، أفاد التقرير بأنّ المجلس توصل بحسابات 27 حزبا من أصل 33، فيما احترم 22 حزبا الأجل القانوني لتقديم هذه الحسابات، في حين تخلفت ستة أحزاب عن تقديمها.
وسجّل المجلس أنّ 23 حزبا من الأحزاب التي أدلت بحساباتها قدّمت حسابات مشهودا بصحتها من طرف خبير محاسب مقيد في هيئة الخبراء المحاسبين، منها 19 حسابا مشهودا بصحته بدون تحفظ، وأربعة حسابات مع تسجيل تحفظات، بينما أدلت أربعة أحزاب بحساباتها السنوية دون الإشهاد بصحتها من قبل خبير محاسب.
كما لاحظ المجلس أنّ سبعة أحزاب لم تدرج كافة الجداول المكوّنة لقائمة المعلومات التكميلية المنصوص عليها في الملحق رقم 2 من المخطط المحاسبي الموحّد للأحزاب السياسية.
وفي السياق ذاته، لم تقدم ثلاثة أحزاب جميع الكشوفات البنكية المتعلقة بالحسابات المفتوحة بأسمائها، كما لم تدل ثلاثة أحزاب بجرد تفصيلي للنفقات المنجزة برسم سنة 2023، ولا بوضعية المقاربات البنكية.
وبخصوص فحص صحة الموارد، سجّل المجلس الأعلى للحسابات نقائص تتعلق بإثبات تحصيل الموارد الذاتية، بلغ مجموعها 1,72 مليون درهم، أي ما يمثل نسبة 1,64 في المائة من مجموع الموارد المصرح بها برسم سنة 2023 من طرف الأحزاب السياسية، والتي بلغت ما مجموعه 104,25 ملايين درهم.
وهمّت هذه الملاحظات ثمانية أحزاب من أصل 27، وتوزعت بين موارد لم يتم دعم تحصيلها بوثائق الإثبات القانونية (بقيمة 853.164,60 درهما)، وموارد تم تحصيلها نقدا (بقيمة 865.900,00 درهم)، رغم تجاوزها للسقف القانوني للتحصيل النقدي المحدد بموجب القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية.
أمّا في ما يخص دعم صرف النفقات بوثائق الإثبات القانونية، فقد سجّل المجلس نقائص شملت نفقات تدبير بلغت قيمتها حوالي 5,73 ملايين درهم، أي ما يمثل نسبة 6,27 في المائة من مجموع النفقات المصرح بصرفها من طرف الأحزاب السياسية والبالغة 91,37 مليون درهم.
وتعدّ هذه النسبة أقل من تلك المسجلة خلال سنة 2022، والتي بلغت 26 في المائة. وقد سجّلت هذه النقائص على مستوى 17 حزبا من أصل 27، وتوزعت بين نفقات لم يتم دعمها بأي وثائق إثبات قانونية، بمبلغ إجمالي قدره 5,34 ملايين درهم، ونفقات تم تبريرها بوثائق غير كافية من حيث الشكل أو المضمون، بما قيمته 308.745,54 درهما، بالإضافة إلى نفقات أرفقت بوثائق معنونة في غير اسم الحزب المعني، بلغ مجموعها 74.688,73 درهما.
وفي ما يتعلق بتتبع عملية إرجاع مبالغ الدعم غير المستحقة، أو غير المستعملة، أو المستعملة لغير الأغراض المخصّصة لها، أو التي لم يتم إثبات صرفها بوثائق الإثبات القانونية، إلى الخزينة، وعملا بالمقتضيات التشريعية والتنظيمية ذات الصلة، سجّل المجلس أنّ 24 حزبا قام، خلال الفترة الممتدة من سنة 2022 إلى غاية متم مارس 2025، بإرجاع مبالغ دعم إجمالية قدرها 35,92 ملايين درهم إلى الخزينة.
وتوزّعت هذه المبالغ بين مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية برسم اقتراعات سابقة، بما مجموعه 28,71 ملايين درهم، والمساهمة في تغطية مصاريف التدبير بمبلغ 2,42 ملايين درهم، فضلا عن المساهمة في تمويل المهام والدراسات والأبحاث بمبلغ 4,79 ملايين درهم.
وسجّل المجلس كذلك أنّ 15 حزبا لم يقم بعد بإرجاع مبالغ دعم تناهز 21,96 ملايين درهم إلى الخزينة، علما أنّ عملية الإرجاع تتواصل بشكل مستمر وتخضع لتتبع سنوي من طرف المجلس.
وتتوزع هذه المبالغ بين مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية المتعلقة باستحقاقات سنتي 2015 و2016، والتي بلغ مجموعها 2,41 ملايين درهم تخص ثلاثة أحزاب، ومساهمة الدولة في تمويل اقتراع سنة 2021، بمبلغ 18,13 ملايين درهم يخص سبعة أحزاب، فضلا عن مبالغ متعلقة بمساهمة الدولة في تغطية مصاريف التدبير خلال سنوات 2017 و2020 و2021 و2022 و2023، بمبلغ إجمالي قدره 1,42 مليون درهم يهم سبعة أحزاب.
وبخصوص التدبير المالي والمحاسبي للأحزاب السياسية، سجّل المجلس الأعلى للحسابات عدة ملاحظات شملت مسك محاسبة 23 حزبا من أصل 27، تمثلت أساسا في عدم التقييد المحاسبي لمبالغ الدعم الواجب إرجاعها إلى الخزينة من طرف 15 حزبا، وأخطاء في تنزيل عمليات محاسبية مختلفة لدى 11 حزبا، فضلا عن عدم احترام نماذج جداول قائمة المعلومات التكميلية المنصوص عليها في المخطط المحاسبي الموحّد للأحزاب السياسية من طرف ثمانية أحزاب، وعدم التقيد ببعض القواعد أو المبادئ المحاسبية لدى أربعة أحزاب، إلى جانب تسجيل أخطاء في عملية ترحيل أرصدة الموازنة الختامية لدى حزبين اثنين.
وفي سياق تتبّع تنفيذ التوصية الصادرة عن المجلس بشأن الإدلاء بتقارير ومخرجات الدراسات والأبحاث المنجزة في إطار الدعم السنوي الإضافي الممنوح برسم سنة 2022، سجّل التقرير أنّ المجلس توصل بمخرجات الدراسات المتعلقة بثلاثة أحزاب، والتي تم التعاقد بشأنها مع مكاتب دراسات خلال السنة المعنية. كما قامت أربعة أحزاب بإرجاع مبالغ الدعم غير المستعملة في إطار هذا الدعم الإضافي، بلغ مجموعها ما يناهز 2,03 ملايين درهم، ممّا مكّنها من تسوية وضعيتها إزاء الخزينة بخصوص هذا الشق من الدعم.