المركز الإستراتيجي للمؤسسة الملكية ودوره في النموذج التنموي الجديد

البشير الحداد الكبير

تلعب المؤسسة الملكية دورا مهما في النسق السياسي والدستوري المغربي ولعل جائحة كورونا أظهرت هذا الدور.
تستمد المؤسسة الملكية إختصاصاتها من الدستور ومن الجانب الديني » إمارة المؤمنين »، فممارسة السلطة السياسية كما قال جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه في خطاب العرش لسنة 1963 أنها أمانة لا يمكن تفويتها ولا تفويضها لأنها تجسيد لبيعة الإمامة الشرعية، أما صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله قال في خطاب ثورة الملك والشعب لسنة 1999 أن السلطة السياسية موثقة السند بكتاب الله ورسوله الكريم ومشدودة العرى إلى الدستور المغربي.
لقد حدد جلالة الملك الخطوط العريضة الواجب إتباعها في النموذج التنموي الجديد لهذا سنحاول من خلال هذا المقال التطرق أولا للموقع الدستوري للمؤسسة الملكية ثم ثانيا الحديث عن دورها في النموذج التنموي الجديد.
المبحث الأول: الموقع الدستوري للمؤسسة الملكية
إن أمر الحكم في المغرب يتصل برابطة بين الملك وشعبه والتي تظل حسب تعبير جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه أكبر عامل في صنع تاريخنا المديد، فهي التي كفلت استمرار المغرب طيلة قرون تحت سلطة أسلافنا المقدسين كدولة لها كيان محفوظ وحوزة منيعة ومقومات محترمة(1).
اختارت الملكية دستورا يتلاءم مع التقاايد المغربية والمزاج المغربي والإنسية المغربية(2).
تحتل المؤسسة الملكية مكانة مهمة في الهرم الدستوري المغربي، فالملكية تسود وتحكم، وهذا ما يذهب إليه جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني قدس الله روحه بقوله: »إن الشعب المغربي اليوم أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى ملكية شعبية إسلامية، ولهذا يحكم الملك في المغرب، والشعب نفسه لا يستطيع أن يفهم كيف يمكن أن يكون ملكا ولا يحكم، فلكي يستطيع الشعب أن يعيش وتكون الدولة محكومة، يجب أن يعمل الملك وأن يأخذ بين يديه سلطاته ويتحمل مسؤولياته(3).
إن دستور 2011 (4) جاء بمستجدات مهمة لم تكن في الدساتير السابقة، وخصص بابا كاملا للحديث عن الملكية(الباب الثالث)، حيث أنه في التبويب الدستوري نجد أنها تأتي في المرتبة الثالثة، وهذا الترتيب ليس إعتباطي وإنما دقيق،نجد أن المؤسسة الملكية تجمع بين إختصاصين ديني بموجب الفصل 41 من الدستور الجديد وسياسي حسب الفصل 42، كما أن للملك إختصاصات عديدة لكن إذا لاحظنا أنها مقيدة بشروط حسب دستور 2011، وتتجلى هذه الإختصاصات فيما يلي:
+ »دينية »:-حسب الفصل 41،فالملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين وهو الضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية،كما يرأس المجلس العلمي الأعلى.
+ »تنفيذية » : – حسب الفصل 42 فالملك رئيس الدولة وممثلها الأسمى وضامن دوامها واستمرارها والحكم الأسمى بين مؤسساتها، واختصاص التحكيم الملكي لاحظنا أنه برز مؤخرا في شهر يوليوز 2020 حيث أن أعضاء مجلس المنافسة لجأوا إلى المؤسسة الملكية بخصوص شركات المحروقات، ولجأ الملك لوسيلة جد دقيقة لضمان حسن سير المؤسسات الدستورية ألا وهي خلق لجنة تحقيق في هذه القضية،كما يعمل الملك على صيانة الإختيار الديمقراطي والحقوق والحريات واحترام التعهدات الدولية، وبالتالي فالمؤسسة الملكية هي صمام أمان.
– حسب الفصل 47 نجد أن الملك يعين رئيس الحكومة لكن الدستور وضع شرطا من الحزب السياسي الذي تصدر الإنتخابات بمجلس النواب، كما أنه يعين أعضاء الحكومة ولكن بإقتراح من رئيسها، كما أن الملك يملك حرية المبادرة في إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم لكن الدستور وضع شرط إستشارة رئيس الحكومة، وهناك سؤال دستوري هل الملك يحق له إعفاء رئيس الحكومة؟ إذا ما عدنا للفصل 47 لا نجد ما يفيد ذلك، لكن إذا عدنا لتجربة حكومة عبد الإله بنكيران الثانية 2017،تم إعفاء رئيس الحكومة بعد البلوكاج الحكومي، حيث أن المؤسسة الملكية لجأت في ذلك للفصل 42 حسب تأويله نجد أن الملك هو ضامن دوام الدولة واستمرارها، وبالتالي فالبلوكاج الحكومي كان قد عرقل عمل الحكومة بإعتبارها مؤسسة دستورية وبالتالي تدخل الملك بصفته ضامن ضمان الدولة واستمرارها وهو الذي يسهر على حسن سير المؤسسات الدستورية.
-الفصل 48،نجد أن الملك يرأس المجلس الوزاري ويمكن تفويض رئاسته لرئيس الحكومة بناءاً على جدول أعمال محدد، وهذا المعطى نجده حتى في دستور الجمهورية الخامسة بفرنسا لسنة 1958 إذ أن رئيس الجمهورية يمكنه تفويض رئاسة المجلس الوزاري لرئيس الوزراء.
-الفصل 49،تملك المؤسسة الملكية سلطة تحديد التوجهات العامة للدولة في المجلس الوزاري كما تملك سلطة دراسة مشاريع مراجعة الدستور والقوانين التنظيمية وتحديد التوجهات العامة لمشروع قانون المالية ومشاريع قوانين الإطار المشار إليها في الفقرة الثانية من الفصل 71، ومشروع قانون العفو العام، ثم مشاريع النصوص المتعلقة بالمجال العسكري، وإعلان حالة الحصار وإشهار الحرب ومشروع المرسوم المتعلق بحل مجلس النواب طبقا للفصل 104،ثم التعيين في الوظائف المدنية لكن بشرط الإقتراح من رئيس الحكومة وبمبادرة من الوزير المعني.
-الفصل 50،يملك الملك سلطة إصدار الأمر بتنفيذ القانون.
-الفصل 55،سلطة اعتماد السفراء لدى الدول الأجنبية والمنظمات الدولية، وسلطة التوقيع والمصادقة على المعاهدات ما عدا تلك المنصوص عليها في الفقرة الثانية من الفصل السالف ذكره إلا بعد الموافقة عليها بقانون.
-الفصل 59،يملك الملك حق إعلان حالة الإستثناء لكن بشروط أولا بظهير ثم بعد إستشارة رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان، ورئيس المحكمة الدستورية، وتوجيه خطاب للأمة.
-الفصل 92،يطلع الملك على خلاصات مداولات مجلس الحكومة، بإعتبار أن المؤسسة الملكية جزء لا يتجزأ من السلطة التنفيذية، فالنظام الدستوري المغربي يقوم على ثنائية السلطة التنفيذية(الملك والحكومة).
-تعيين الولاة والعمال الممثلين للسلطة المركزية على صعيد الجماعات الترابية والذين يساعدون هذه الجماعات في أداء مهمتها التنموية.
-تعيين رؤساء المؤسسات الدستورية المعنية بالحكامة الجيدة والمنصوص عليها في الباب الثاني عشر.
+ »تشريعية » :-الفصل 51،يمكن للمؤسسة الملكية حل مجلسي البرلمان أو أحدهما طبقا للشروط المبينة في الفصول 96 و97 و98.
-الفصل 52،توجيه خطاب للأمة والبرلمان.
-الفصل 65،رئاسة افتتاح الدورة الأولى للبرلمان يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر.
-الفصل 67،تشكيل لجان نيابية لتقصي الحقائق بمبادرة من المؤسسة الملكية.
+ »قضائية » :-طبقا للفصلين 56 و115 تترأس المؤسسة الملكية المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بحيث لا يمكن فصل القضاء على الملكية، لأن تاريخيا البيعة مرتبطة أشد الإرتباط بالقضاء.
-الفصل 57،الموافقة بظهير على تعيين القضاة من طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
-الفصل 58،ممارسة حق العفو.
-الفصل 107،الملكية هي الضامن لإستقلال السلطة القضائية.
-الفصل 113،يمكن للملك أن يطلب من المجلس الأعلى للسلطة القضائية إصدار آراء مفصلة حول كل مسألة تهم العدالة.
-الفصل 115،سلطة تعيين 5 شخصيات المجلس الأعلى للسلطة القضائية، عضو منهم يتم اقتراحه من طرف الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى.
-الفصل 124،الأحكام القضائية تصدر وتنفذ بإسم الملك وطبقا للقانون.
-الفصل 148،يرفع المجلس الأعلى للحسابات تقريرا سنويا حول جميع أعماله،وتجدر الإشارة أنه رغم أن الدستور خصص بابا وحده للمجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات لكنها تدخل في خانة الصنف القضائي بإعتبارها محاكم مالية.
+ »إختصاصات في مجال المحكمة الدستورية »: لم نقم بإدخال المحكمة الدستورية في إختصاصات الملك القضائية لأنها لا تدخل في الصنف القضائي، حتى الدستور المغربي خصص لها بابا لوحدها وهو الباب الثامن أما السلطة القضائية فالباب المتعلق بها هو السابع، فالمؤسسة الملكية تملك سلطة تعيين ستة أعضاء هذه المحكمة، واحد منهم يتم اقتراحه من طرف الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، كما أنه يعين رئيس هذه المحكمة، يملك الملك آلية دستورية تمكنه من إحالة القوانين أو الإتفاقيات الدولية إلى هذه المحكمة قبل إصدار الأمر بتنفيذها أو قبل المصادقة عليها لكي تبت في مطابقتها للدستور وذلك بموجب الفصلين 55 و 132 من الدستور.
+ »عسكرية »:-حسب الفصل 53، فالملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، ويملك سلطة التعيين في الوظائف العسكرية وله تفويض ممارسة هذه السلطة لغيره.
-الفصل 54،ترأس المؤسسة الملكية المجلس الأعلى للأمن ولها إمكانية تفويض رئاسة اجتماع لهذا المجلس لرئيس الحكومة على أساس جدول أعمال محدد.
+ »مراجعة الدستور » ،يملك الملك مبادرة مراجعة الدستور أو بعض مضامينه بموجب الفصلين 172 و174.
نلاحظ أن المؤسسة الملكية تلعب دورا محوريا وجوهريا في النظام السياسي والدستوري المغربي،حيث كما لاحظنا أن كل باب في الدستور إلا ووجدنا لفظ « الملك » كما أنه في بعض الأبواب حتى وإن لم نجد هذا اللفظ فيستنتج ضمنيا، فالمؤسسة الملكية تحتل مكانة إستراتيجية في المغرب بإعتبارها صمام أمان والمنسق المحوري بين جميع القوى الحية في الدولة.
المبحث الثاني: دور المؤسسة الملكية في تحديد معالم النموذج التنموي الجديد
قبل الحديث عن النموذج التنموي الجديد وعلاقته بالمؤسسة الملكية، لابد من التطرق لمسألة مهمة، أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في العهد الجديد حاول خلق أسلوب جديد في ممارسة السلطة من خلال تبنيه للمفهوم الجديد للسلطة في الخطاب الملكي السامي بتاريخ 12 أكتوبر 1999،ناهيك عن الإصلاحات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والمجتمعية التي قام بها لمدة 21 سنة منذ إعتلائه عرش أسلافه المنعمين، كما أن الأسلوب الجديد في ممارسة السلطة تجلى أيضا في أن العديد من المشاريع الملكية الكبرى تمت بموجب عقود واتفاقيات تم توقيعها في حضرة جلالة الملك مما أعطاها صبغة إلزامية ومسؤولية مختلف الفاعلين أمام جلالته.
إن الأساليب التي تعتمد عليها المؤسسة الملكية في ممارسة السلطة تتجلى في إصدار ظهائر وتعليمات وتوجيه خطب ورسائل، بالإضافة إلى عقد المجالس الوزارية تفعيلا للفصل 48 من الدستور، ثم عقد جلسات عمل التي تعتبر عرفا دستوريا.
لقد أثبتت جائحة كورونا الدور المحوري الذي تلعبه المؤسسة الملكية في النظام السياسي والدستوري المغربي،حيث أنه في بداية الجائحة أعطت المؤسسة الملكية تعليمات بإحداث صندوق تدبير جائحة كورونا تفعيلا للفصل 70 من الدستور والمادة 26 من القانون التنظيمي للمالية العمومية 130.13(5)،بالإضافة إلى تعليمات أخرى في مختلف المجال كتسخير القوات المسلحة الملكية لمساندة الطب المدني وطلب إصدار فتوى من المجلس العلمي الأعلى في بداية الأزمة وإعفاء أصحاب محلات الحبس التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من أداء السومة الكرائية، بالإضافة إلى إصدار تعليمات لمساعدة الدول الإفريقية في إطار توطيد علاقات التعاون والتنسيق بين الدول الإفريقية، وبالتالي كما قال الرئيس الفرنسي السابق جيسكار ديستان: »إنني أولي أهمية فائقة للطريقة لأن الطريقة هي التي تمنح جمالية للفعل » (6).
إن المؤسسة الملكية بعدما أعلنت في الخطاب السامي بمناسبة افتتاح البرلمان لسنة 2017 عن فشل النموذج التنموي قد حددت في الخطب اللاحقة الخطوط العريضة لهذا النموذج، حيث أن الخطاب السالف الذكر كان من البديهي توجيهه، خصوصا بعدما وجه جلالة الملك أعزه الله في خطاب افتتاح البرلمان لسنة 2016 انتقادات للإدارة العمومية عموما وللمراكز الجهوية للاستثمار خصوصا،ثم كذلك في خطاب العرش لسنة 2017 وجه انتقادات للأحزاب السياسي، إذن وجدنا أنفسنا أمام فشل سياسي وفشل القطاع العام، لذا كان من الضروري توجيه خطاب يعلن فيه جلالة الملك عن فشل النموذج التنموي وهذا ما تم بالفعل إذ دعا جلالته حفظه الله إلى ضرورة تحيينه.
بالرجوع لخطاب العرش لسنة 2019،نجد أن جلالة الملك أعلن عن تكوين لجنة خاصة بالنموذج التنموي، هذا الأسلوب اعتمده جلالته في أكثر من مناسبة(مدونة الأسرة، الجهوية المتقدمة.. إلخ) وألزمها جلالته بأن تراعي الإصلاحات في ميدان التعليم والصحة والإستثمار والنظام الضريبي واعتبر جلالته أن النموذج التنموي الجديد بمثابة خريطة طريق لمرحلة جديدة قوامها المسؤولية والإقلاع الشامل وقد حدد جلالته مهام هذه اللجنة الخاصة في خطاب ثورة الملك والشعب لسنة 2019،وتتجلى فيما يلي:تقويمية واستباقية واستشرافية،كما اعتبر جلالته في نفس الخطاب أن هذه اللجنة عليها اقتراح الأساليب للتنزيل والتنفيذ والتتبع وأن يكون النموذج التنموي الجديد مغربي مغربي خالص، واعتماد مقاربة تشاركية بإشراك مختلف القوى الحية في الدولة(الأحزاب، النقابات، المجتمع المدني، المواطنات والمواطنين) فالمقاربة التشاركية يؤكد عليها جلالته منذ إعتلائه العرش،واعتبر جلالته أن النموذج بمثابة قاعدة صلبة لعقد اجتماعي جديد.
لقد بدأ جلالة الملك في تحديد الخطوط العريضة للنموذج التنموي الجديد بالقيام بالعديد من الإصلاحات في الآونة الأخيرة، أولا بعد توجيهه خطاب افتتاح البرلمان لسنة 2016 دعا جلالته بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار في خطاب العرش لسنة 2018 وهذا ما تم بالفعل بموجب القانون 47.18 (7) نظرا للأهمية التي يوليها جلالته للإستثمار بإعتباره رافعة أساسية للنموذج التنموي الجديد، دون أن ننسى سعيه أيضا لإصلاح القطاع العام بكامله حيث دعى الحكومة في أكثر من مرة بإخراج الميثاق الوطني للاتمركز الإداري لكنها تباطئت وهذا ما عبر عنه جلالته في خطاب افتتاح البرلمان لسنة 2013 لكن جلالته قرر إلزامها بإخراجه في حيز زمني محدد من خلال خطاب العرش لسنة 2018 حيث شدد جلالته حفظه الله بإخراجه قبل شهر أكتوبر من سنة 2018 بعدما لم تعد لغة التلميح تجدي نفعا مع الحكومة وهذا ما تم بالفعل حيث تم إصدار مرسوم 2.17.618(8) المتعلق بالميثاق الوطني للاتمركز الإداري ومع كل هذا لازال جلالته يؤكد على معطى إصلاح القطاع العام بإعتباره ركيزة أساسية في النموذج التنموي الجديد ولاحظنا هذا من خلال خطاب العرش لسنة 2019 حيث قال جلالة الملك أعزه الله أن القطاع العام يحتاج دون تأخير لثورة ثلاثية الأبعاد التخليق والتبسيط والنجاعة، وكذلك في خطاب العرش لسنة 2020 أكد على نفس المعطى إصلاح القطاع العام وتأسيس وكالة وطنية تهتم بالتخطيط الإسترتيجي لمساهمات الدولة وبالتقييم لأداء المؤسسات العمومية، وبالنسبة للأحزاب السياسية بعدما وجه لها انتقادات في خطاب العرش لسنة 2017 دعاها لتجديد نخبها واستقطاب الشباب بإعتبارهم عماد الأمة في خطاب العرش لسنة 2018، بل أكثر من ذلك سعيا من جلالته في إصلاح كلي للأحزاب السياسية بإعتبارها مكون أساسي في النموذج التنموي قال جلالته حفظه الله في خطاب افتتاح البرلمان لسنة 2018:… »وإننا حريصون على مواكبة الهيآت السياسية، وتحفيزها على تجديد أساليب عملها، بما يساهم في الرفع من مستوى الأداء الحزبي ومن جودة التشريعات والسياسات العمومية.
لذا، ندعو للرفع من الدعم العمومي للأحزاب، مع تخصيص جزء منه لفائدة الكفاءات التي توظفها، في مجالات التفكير والتحليل والابتكار… « ،وفي خطاب العرش لسنة 2019 أكد جلالته على تجديد النخب السياسية والإدارية.
كما أن جلالة الملك منذ إعتلائه العرش وهو يهتم بالشباب، فالشباب هم عماد النموذج التنموي الجديد، لهذه الغاية أكد جلالته في خطاب العرش لسنة 2018 على دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة ثم في خطاب العرش لسنة 2019 أكد على التسريع الإقتصادي بالتركيز على الإستثمار عبر دعم المبادرات الجادة وفي خطاب ثورة الملك والشعب أكد على الشباب وإعتمادهم على التكوين المهني، وفي خطاب افتتاح البرلمان لسنة 2019 دعا جلالته القطاع البنكي بأن يساعد المقاولين الشباب، وبموازاة ذلك نجد أن جلالة الملك في سنة 2020 أطلق برنامجين، البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات، وبرنامج مدن المهن والكفاءات الذي سيطور قطاع التكوين المهني كل هذا من أجل الشباب وخلق فرص الإستثمار والشغل في نفس الوقت.
وسيرا في نفس النهج، نجد أن جلالة الملك في خطاب العرش لسنة 2020 ركز كذلك على الإستثمار ودعا الحكومة لدعم القطاعات المنتجة لتنهض من جديد وتستطيع توفير مناصب الشغل كما أكد على دعم وتحفيز المقاولات الصغرى والمتوسطة، وخلق صندوق الإستثمار الإستراتيجي.
أما بخصوص القطاع الإجتماعي فكذلك نجد أن الخطب الملكية خصته بالذكر لكونه كذلك ركيزة أساسية للنموذج التنموي الجديد،ففي خطاب العرش لسنة 2018 دعا جلالته لإعادة النظر في نظام رميد وإطلاق النسخة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية،وفي خطاب العرش لسنة 2020 أكد جلالته أنه ينبغي تعميم التغطية الصحية والإجتماعية بإعتبار التغطية الإجتماعية الرافعية الأساسية لإدماج القطاع الغير المهيكل في النسيج الإقتصادي، ودعا إلى إعادة النظر في المشاريع الإجتماعية الحالية حتى تستفيد الفئات المعنية بإعتماد حكامة جيدة وآلية السجل الإجتماعي الموحد.
خلاصة:
إن المؤسسة الملكية عبر الآليات الدستورية عملت على رسم الركائز التي ينبغي أن يقوم عليها النموذج التنموي الجديد(الإصلاح السياسي،الإداري،الإجتماعي) لكن السؤال المطروح هل النخبة السياسية الحالية قادرة على التجاوب بسرعة مع الخطب الملكية السامية؟
إن النموذج التنموي ونجاحه مرتبط بالأساس بتوفر الإرادة الصادقة وتغيير العقليات وتعيين الكفاءات الحزبية والإدارية واستحضار المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار، نجد أن جلالة الملك أعزه الله في خطاب العرش لسنة 2020 أشار لمسألة مهمة في نهاية الخطاب أنه لكي تنجح المشاريع الإجتماعية ينبغي إبعاد كل ما هو سياسوي، وبالتالي ينبغي على النخب السياسية التجاوب مع الخطب الملكية وتجنب الصراعات الحزبية الضيقة من أجل الدفع بالمغرب إلى مصاف الدول المتقدمة.
الهوامش:
1-خطاب العرش 3 مارس 1963،انظر خطب وندوات صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني، المجلد الثاني، الصفحة: 197.
2-خطب وندوات صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني،المجلد السابع، الصفحة: 189.
3-الحسن الثاني، »التحدي »، المطبعة الملكية، الطبعة الثانية سنة 1982.
4-ظهير شريف 1-11-91 الصادر بتنفيذ دستور 2011،بتاريخ 29 يوليوز 2011،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر،بتاريخ 30 يوليوز 2011،الصفحة: 3600.
5-ظهير شريف 1.15.62 الصادر بتنفيذ القانون التنظيمي 130.13 المتعلق بالمالية،بتاريخ 2 يونيو 2015،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6370،بتاريخ 18 يونيو 2015،الصفحة: 5810.
6-الدكتور المنتصر السويني ، »المؤسسة الملكية ومواجهة فيروس كورونا »،منشور في الجريدة الإلكترونية هسبريس، تاريخ التصفح يوم الإثنين 3 غشت 2020 على الساعة السابعة صباحا.
7-ظهير شريف 1.19.18 الصادر بتنفيذ القانون المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجان الجهوية الموحدة للإستثمار بتاريخ 13 فبراير 2019 ،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6754،بتاريخ 21 فبراير 2019،الصفحة: 834.
8-مرسوم 2.17.618 الصادر في 26 دجنبر 2018،المتعلق بالميثاق الوطني للاتمركز الإداري،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6738،بتاريخ 27 دجنبر 2018،الصفحة: 9787.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *