المغرب.. قوة صاعدة تعيد تشكيل إفريقيا وترسم ملامح شراكة جديدة مع بريطانيا

في ظل ديناميكية متسارعة تعيد تشكيل موازين القوى في إفريقيا، يبرز المغرب كفاعل محوري، يعزز نفوذه الإقليمي ويعيد رسم خارطة الشراكات الاستراتيجية. صحيفة بريطانية كشفت عن الأهمية الاستراتيجية لهذا التحول، مؤكدة أن توسع حضور المملكة في القارة الإفريقية يمثل فرصة ذهبية لبريطانيا، التي تبحث عن حلفاء جدد في إطار سياستها لما بعد “بريكست”.

موقع المغرب الجغرافي واستقراره السياسي جعلاه بوابة رئيسية للأسواق الإفريقية، مما يمنح الشركات البريطانية مجالًا واسعًا لتنويع سلاسل التوريد وتوسيع استثماراتها. كما أن حضور البنوك المغربية في غرب ووسط إفريقيا يعزز فرص التعاون الاقتصادي بين الرباط ولندن، ويفتح آفاقًا جديدة لبريطانيا في القارة.

على الصعيد السياسي، أثبت المغرب التزامه بمبادئه، حيث رفض مقترح دونالد ترامب لإعادة توطين الفلسطينيين النازحين، في موقف يعكس ثبات رؤيته الإقليمية. كما أن دعم المغرب لترشيح لطيفة أخرباش لمنصب نائب رئيس الاتحاد الإفريقي يؤكد طموحه المتزايد للعب دور قيادي داخل القارة، رغم التحديات التي تفرضها التوترات مع الجزائر.

اقتصاديًا، تواصل المملكة تحقيق معدلات نمو مستقرة، مع توقعات صندوق النقد الدولي بأن يصل النمو إلى 3.2٪ في عام 2024 و3.9٪ في 2025، مدعومًا بقطاعات استراتيجية مثل السيارات والطيران، والتي استقطبت استثمارات عالمية كبرى. ميناء طنجة المتوسط بات مركزًا لوجستيًا عالميًا، يربط إفريقيا بأوروبا والشرق الأوسط، فيما تشكل “ميدبارك” في الدار البيضاء قطبًا صناعيًا يستقطب عمالقة صناعة الطيران.

في السياحة، سجل المغرب رقمًا قياسيًا بأكثر من 17 مليون زائر عام 2024، مع توقعات بارتفاع جاذبيته بعد استضافة كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، حيث ضخّت المملكة استثمارات ضخمة في البنية التحتية تجاوزت 5 مليارات دولار لتعزيز جاهزيتها للحدث العالمي.

استقرار المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس منذ 1999 مكّنه من ترسيخ مناخ استثماري جذاب، وجعل منه لاعبًا محوريًا في القضايا الإقليمية، خاصة في منطقة الساحل التي تشهد اضطرابات أمنية متزايدة. مشاركته الفاعلة في مكافحة الإرهاب وتقديمه دعماً استخباراتياً لدول المنطقة تعزز مكانته كشريك موثوق للقوى العالمية، وعلى رأسها بريطانيا، التي ترى في المغرب حليفًا استراتيجيًا يعزز أمنها ومصالحها في إفريقيا.