في معركة التحول الطاقي، انتزع المغرب الصدارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، محققًا المرتبة التاسعة عالميًا في الأداء البيئي، وفقًا لتقرير “آفاق صناعة الطاقة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2025” الصادر عن معهد الطاقة بالمملكة المتحدة.
ولم يأتي تفوق المغرب من فراغ، بل بفضل انخفاض انبعاثاته الغازية، تحسين كفاءة الطاقة، والتوسع في مشاريع الطاقات المتجددة، في وقت تتخبط فيه دول كبرى في تحقيق التزاماتها المناخية.
وتُعد المملكة واحدة من الدول القليلة في المنطقة التي تسير بثبات نحو تحقيق أو تجاوز أهدافها في التحول الطاقي بحلول 2030، في حين يُتوقع أن تفشل دول أخرى مثل السعودية، مصر، والجزائر في الوفاء بوعودها المناخية.
والتزم المغرب بخفض انبعاثاته بنسبة 45.5 بالمائة بحلول 2030، منها 18.3 بالمائة كالتزام غير مشروط، مما يعكس استراتيجية متوازنة بين الالتزام الدولي والاستثمار في مشاريع الطاقة المستدامة. في مقدمة هذه المشاريع، يأتي الاستثمار القوي في الطاقة الشمسية والرياح، حيث تتدفق الاستثمارات لتعزيز إنتاج الكهرباء من مصادر نظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ولكن هذا التحول الطاقي الطموح لا يخلو من العقبات، حيث أشار التقرير إلى التحديات التقنية التي تواجه بعض المشاريع الكبرى، مثل محطة نور ورزازات للطاقة الشمسية المركزة، والتي تعرضت لحادث تسرب في خزان الأملاح المصهورة الساخنة في مارس الماضي، ما أدى إلى توقفها مؤقتًا. كما أن تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة تواجه صعوبات تنافسية مقارنة بالطاقة الشمسية الكهروضوئية، التي تتميز بتكاليف أقل وقدرة أعلى على التوسع.
ورغم التقدم الكبير، لا يزال الفحم يشكل معضلة بيئية في المغرب، حيث يعتمد بشكل كبير على محطات الطاقة الحرارية العاملة بالفحم، بخلاف العديد من دول الشرق الأوسط التي تركز على الغاز والنفط. هذه المعادلة تجعل المغرب في موقف متناقض، حيث يحقق تقدمًا في التحول الطاقي لكنه لا يزال مرتبطًا بالفحم لضمان استقرار الإمدادات الكهربائية. التقرير أشار إلى أن الدول الخليجية تعتمد على الغاز الطبيعي بنسبة تفوق 75 بالمائة من إنتاج الكهرباء، بينما لا تتجاوز حصة الفحم في المنطقة 1.3 بالمائة فقط، ما يجعل المغرب في وضع خاص مقارنة بجيرانه.
إجمالًا، لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا متأخرة في سباق التحول الطاقي، حيث بلغت نسبة الطاقات المتجددة من إجمالي إنتاج الكهرباء 5 بالمائة فقط في عام 2023، مع توقعات بارتفاعها إلى 12 بالمائة بحلول 2030. الاقتصادات المصدرة للطاقة تواجه معضلة معقدة، حيث يعتمد العديد منها على عائدات النفط والغاز، ما يجعل التحول الطاقي أكثر تعقيدًا. بدلاً من تبني الطاقات النظيفة بوتيرة أسرع، تراهن بعض الدول على تقنيات احتجاز الكربون والهيدروجين الأخضر كبدائل محتملة، إلا أن التقرير يؤكد أن هذه الحلول لا تزال في مراحلها الأولية ولم تثبت جدواها على نطاق واسع.