إلباييس الاسبانية: المغرب يرفع ميزانية التعليم والصحة بنسبة 16% استجابة لاحتجاجات جيل Z

ع.بوناصر/برشلونة
في خطوة تعكس تحولًا اجتماعيًا وسياسيًا غير مسبوق، قررت الحكومة المغربية رفع الإنفاق الاجتماعي في ميزانية سنة 2026 بنسبة 16%، أي ما يعادل 140 مليار درهم (حوالي 13 مليار يورو)، استجابة لموجة الاحتجاجات الشبابية التي عمّت البلاد خلال الأسابيع الأخيرة بقيادة ما يُعرف بـ“جيل Z”.

وذكرت الصحيفة الاسبانية elpaís في مقال لها أن هذا القرار جاء بعد ثلاثة أسابيع من أكبر تعبئة شبابية يشهدها المغرب منذ عقدين، حيث ترأس جلالة الملك محمد السادس يوم الأحد اجتماعًا لمجلس الوزراء صادق خلاله على مشروع قانون المالية الجديد، الذي يتضمن زيادات كبيرة في مخصصات قطاعي التعليم والصحة، لتشكل هذه القطاعات حوالي 10% من الناتج الداخلي الخام.
وتتضمن الإجراءات الموازية حسب ذات المصدرإحداث 27 ألف منصب شغل جديد في القطاعين العموميَّين، في إطار مساعي الدولة لتحسين الخدمات الاجتماعية وامتصاص غضب الشارع.

ويبدو أن الحراك الشبابي قد خفّت وتيرته بعد الخطاب الملكي أمام البرلمان يوم 10 أكتوبر، والذي دعا فيه الملك إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الاجتماعية وتكريس العدالة المجالية.

غير أن مجموعات شبابية واصلت تنظيم وقفات محدودة في مدن مثل الرباط والدار البيضاء وطنجة، رغم اعتقال ما لا يقل عن 400 متظاهر، بحسب وزارة الداخلية.

أما الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فذكرت أن عدد المعتقلين بلغ نحو 600، من بينهم قاصرون، في حين أصدرت محكمة الاستئناف بأكادير أحكامًا بالسجن وصلت إلى 15 سنة ضد 17 شابًا بتهم تتعلق بأعمال عنف خلال الاحتجاجات، التي أسفرت عن مقتل 3 أشخاص وإصابة العشرات.

من جهتها، أعلنت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي أن معدل النمو المتوقع لعام 2025 سيصل إلى 4.8 % مقابل 3.8 % السنة الماضية، في وقت تمكنت فيه الحكومة من ضبط التضخم عند 1.1 %، وهو ما يسمح بتمويل الزيادة في الإنفاق الاجتماعي دون تهديد التوازنات المالية الكبرى.

كما أكدت العلوي أن الحكومة تسعى من خلال هذه الميزانية إلى تقليص الفوارق بين المغرب النافع والمغرب العميق، استجابة لتحذيرات الملك محمد السادس في خطابه الأخير الذي نبّه فيه إلى مخاطر “مغرب بسرعتين” بسبب التفاوت التنموي في المناطق القروية والجبلية والجنوبية.

ومن بين أبرز المشاريع المبرمجة في الميزانية الجديدة افتتاح المستشفى الجامعي الجديد بأكادير، بعدما كانت وفاة 8 نساء في قسم الولادة بالمستشفى القديم في شتنبر الماضي أحد الأسباب المباشرة لانفجار احتجاجات الشباب.

كما التزمت الحكومة ببناء مستشفيات جديدة في كبريات المدن وتحديث 90 مركزًا صحيًا إقليميًا، في خطوة تهدف إلى استعادة ثقة المواطنين في المنظومة الصحية العمومية.

بهذا القرار، يبدو أن الدولة المغربية اختارت الإنصات لصوت الشارع بدل تجاهله، واضعة على طاولة الإصلاح أولويات جديدة تتمثل في التعليم، الصحة، والتشغيل. غير أن المراقبين يحذرون من أن الاستجابة المالية وحدها لا تكفي، وأن نجاح الحكومة سيُقاس بقدرتها على تحويل الأرقام إلى إصلاحات ملموسة تعيد الأمل إلى شباب يشعر بأنه كان لسنوات طويلة خارج المعادلة.
المصدر: صحيفة إلباييس الاسبانية