كشف يونس الإدريسي القيطوني، المدير العام للضرائب، أن نظام المقاول الذاتي أصبح يشكل ثغرة قانونية تستغلها الشركات والأفراد للهروب الضريبي وتبييض الأموال، بدل أن يكون وسيلة لدعم التشغيل الذاتي وتنظيم الاقتصاد غير المهيكل.
وأوضح القيطوني، خلال لقاء مناقشة نظمته مجلة “ميديا 24”، أن نسبة الامتثال الضريبي في صفوف المقاولين الذاتيين ضعيفة جدًا، حيث لا يقوم سوى 27 ألف مقاول ذاتي من أصل 430 ألفًا بالتصريح الضريبي، وهو ما يمثل “أعلى معدل لعدم الامتثال الضريبي”.
وأشار إلى أن هذا الوضع يفند الاعتقاد الشائع بأن تخفيض الضرائب يؤدي إلى زيادة الامتثال، حيث أثبتت التجربة أن خفض الضرائب لم يساهم سوى في ارتفاع حالات التهرب الضريبي.
وأكد المدير العام للضرائب أن العديد من الشركات أصبحت تعتمد على نظام المقاول الذاتي كوسيلة للتحايل على قانون الشغل، من خلال تشغيل الأفراد دون عقود رسمية، وبالتالي تفادي دفع الاشتراكات الاجتماعية والتكاليف القانونية الأخرى، مما يحرم الأجراء من حقوقهم الأساسية.
وأوضح أن العديد من المشغلين يفرضون على العمال استصدار بطاقة المقاول الذاتي ليتمكنوا من تحويل مبالغ مالية تصل إلى 200 ألف درهم لكل مقاول ذاتي، في إطار عمليات تُستغل غالبًا لتبييض الأموال والتهرب من الالتزامات المالية.
وأشار القيطوني إلى أن هذا الوضع ساهم في انتقال عدد كبير من العاملين في القطاعات المهيكلة نحو العمل غير المهيكل، حيث بات المقاول الذاتي أداة قانونية يستخدمها بعض الفاعلين لتجنب الضوابط الصارمة التي يخضع لها المشغلون التقليديون.
كما أقر بأن الإجراءات الأخيرة التي وضعت سقفًا لمداخيل المقاولين الذاتيين لم تكن كافية لمعالجة الاختلالات التي يعاني منها هذا النظام.
وفي سياق متصل، شدد المدير العام للضرائب على أن المقاول الذاتي الذي يعمل مع زبون واحد فقط هو في الواقع أجير، وينبغي أن يخضع لقانون الشغل وليس لنظام المقاولة الذاتية.
كما اعتبر أن استمرار هذا الوضع يخل بمبدأ العدالة الضريبية، حيث يتحمل الموظفون عبئًا ضريبيًا مرتفعًا مقارنة بالمقاولين الذاتيين، الذين لا يدفعون سوى 1% كضريبة على دخلهم، رغم استغلال بعضهم لهذه الثغرات القانونية لتحقيق أرباح طائلة.
وأكد القيطوني أن الوقت قد حان لإعادة النظر في هذا النظام، وإصلاحه بشكل يضمن تحقيق أهدافه الأصلية، والمتمثلة في دعم المقاولين الحقيقيين دون أن يتحول إلى بوابة للهروب الضريبي وتبييض الأموال.