الرباط: هاشتاغ
تلاحق وزارة الاقتصاد والمالية اتهامات بشأن التعيينات التي تجرى داخل المديريات الكبرى طبقا لما يقرره القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا. وكشفت مصادر داخل الوزارة أن بعض المناصب الحساسة تم التمديد المسؤوليات فيها لفترات غير محددة لمدراء انتهت مهامهم، قبل أن يتم تعيينهم من جديد وإعفاؤهم مرة أخرى دون سابق إنذار.
وتعتبر نفس المصادر أنه وبعد “انتهاء مدة التعيين، أخذت سلطة التعيين ممثلة في وزارة الاقتصاد والمالية تتخبط في شراك التأويل الضيق للنص، سواء ما تعلق بالإجراءات الجوهرية أو الشكلية لمسطرة التعيين من خلال التذبذب بين التكليف لمدة ثلاثين شهرا لينتهي الأمر بما يستعصي على كل متتبع فهمه من خلال بالتثبيت عن طريق الترشيح والتباري ثم الإعفاء غير المبرر بعد خمسة أشهر من التعيين.
ووضعت مصادر “هاشتاغ” حالة مدير مكتب الصرف السابق حسن بولقنادل، الذي تم تعيينه مؤخرا مديرا عاما للصندوق المهني للتقاعد. معتبرة أن الوزارة الوصية وبعد مضي خمس سنوات من تعيينه مديرا لمكتب الصرف في 4 مارس 2021، لم يجدد هذا التعيين تلقائيا عن طريق قرار بسيط لوزارة المالية، كما لم يتم الإعلان عن شغور المنصب وتكليف من تراه أهلا ومناسبا لتصريف الأمورحرصا على استقرار الأوضاع الإدارية.
وبالموازاة، مع ذلك، تضيف نفس المصادر، لم يتم إطلاق مسطرة تعيين مسؤول أخر وفق الكيفيات والشكليات المنصوص عليها في المادة الثالثة من المرسوم رقم 2.12.412 بتطبيق أحكام المادتين 4 و5 من القانون التنظيمي رقم 02.12، فالفقرة الأخيرة من المادة 11 من المرسوم رقم 2.12.412 تنص صراحة على ما يلي: ” يمكن للسلطة الحكومية المعنية أن تكلف، مؤقتا ولمدة لا تتجاوز ثلاثة (3) أشهر، من داخل الإدارة أو المؤسسة العمومية مسؤولا بالنيابة في منصب شاغر لأي سبب من الأسباب”.
وتعتبر ذات المصادر، أن هذا الوضع يطرح الكثير من التساؤلات”المشروعة” ومنها ” لماذا تم اللجوء إلى التكليف المؤقت للمدير المنتهية فترة تعيينه؟ فإذا كانت وزارة المالية مقتنعة من عدم الرغبة في تجديد فترة التعيين للمسؤول المعني بالأمر، فقد كان حريا بها تدبير مسألة التكليف والتعيين بشكل استباقي، ومباشرة المساطر القانونية المنصوص في المادة الثالثة من المرسوم رقم 2.12.412لتعيين مدير جديد.
إلا أن ما ستقدمه عليه السلطة الحكومية فيما بعد،سيشكل سابقة استثنائيةفي شأن التعيين في المناصب العليا، وحتى “مع الافتراض جدلا ألا مانع في التكليف المؤقت للمسؤول المنتهية فترة تعيينه، فإن وزارة الاقتصاد والمالية ستلجأ إلى تمديد هذا التكليف مرة ثانية من يونيو إلى شتنبر 2021 ثم ثالثة ورابعة …حتى بلغ عدد التمديدات الإجمالي عشر مناسبات وبقي المسؤول المنتهية فترة تعيينه يدير مكتب الصرف بشكل مؤقت لمدة 30 شهرا حتى متم شهر شتنبر 2023.
نفس الجهة أكدت أنه وإن “كان المشرع قد ترك للإدارة مهلة ثلاثة أشهر لتدبير واستكمال مسطرة التعيين دون الخروج عن المقتضيات المنصوص عليها في القانون التنظيمي واحترام القاعدة العامة للتعيين في المناصب العليا المبنية على مبادئ ومعايير محددة ودقيقة عن طريق سلك مسطرة الترشيح والانتقاء ثم التباري، فإن وزارة الاقتصاد والمالية، بتمديد فترة التكليف المؤقت لعشر مرات وعدم التقيد بالمدة المحددة في ثلاثة أشهر، تكون قد تجاوزت السلطة المخولة لها قانونا.
ناهيك على أن لا حق لوزارة المالية في اتخاذ قرار التمديدات المتتالية لأن هكذا قرار لا يدخل ضمن صلاحيات الوزير المخول له بمقتضى المرسوم 2.07. 995 الصادر في 23 من شوال 1429 (23 أكتوبر 2008) بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة الاقتصاد والمالية والمرسوم 2.13.817 الصادر بتاريخ 21/10/2013 المتعلق باختصاصات وزير الاقتصاد والمالية والوزير المنتدب ».
وتؤكد نفس المصادر أن “المشرع المغربي بتحديده مدة “التعيين” و”التكليف” إنما أراد حماية المراكز القانونية للمسؤولين المعنيين، وكذا العمل على استقرار الأوضاع الإدارية. وهو نفس الاتجاه الذي أكده حكم المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها الصادر بـتـاريخ 24 يونيو2016، حيث اعتبرت «أن تجاوز مدة تفعيل ما سمي ” قرار التكليف” في النازلة لثلاثة أشهر وعدم توجيهه في منحى تعيين مسؤول بالنيابة فقط، يجعله منتقلا من طابعه المحدد في الزمن المحصور في المدة أعلاه باعتباره مناط تحديد مجال تدخل الوزير».
وتخلص نفس المصادر لذلك فإن القرار لما صدر لمدة غير محددة واستمر تنفيذه لمدة تتجاوز ثلاثة أشهر يكون قد ترتب عنه سحب الاختصاص من رئيس الحكومة لشغل المنصب المذكور”وهو “منحى مخالف للمستقر عليه دستورا وقانونا وقضاءً وفقها، “وحتى إذا افترضنا أن تمديد فترات التكليف المؤقت المشار إليها أعلاه قد تم التأشير عليها من قبل رئيس الحكومة، فإن سلطة هذا الأخير تبقى مقيدة بنص المادة الثالثة من المرسوم رقم 2.12.412 والتي تحصر مدة التكليف المؤقت في 3 أشهر”.
وتتهم هذه المصادر ” الإدارة بارتكاب خطئ جسيم بعدم فتح باب الترشيحات بعد مرور الثلاث أشهر من شغور منصب مدير مكتب الصرف أي بخلو تاريخ 4 يونيو 2021 وبالتبعية عدم تعيين مسؤول وفقا للمسطرة القانونية، لكون المشرع نص صراحة على عدم صلاحية الوزير في تعيين مسؤول بالنيابة لمدة تتجاوز الأمد المذكور، بما يستفاد منه أن مسطرة التعيين يجب أن تفعل مباشرة بعد انتهاء مدة التكليف المؤقت وهي 3 أشهر.
والقول بخلاف ذلك يكون مخالفا لصريح المادة 11 المذكورة ومناقضا للأهداف الدستورية والتشريعية بتنظيم مسطرة للتعيينات تتحقق باعتمادها الشفافية ويراعى بتفعيلها تكافؤ الفرص.
لاسيما وأن تطبيق نظام الحركية الإدارية، الذي أقرته الرسالة الملكية الموجهة إلى الوزير الأول بتاريخ 15 نونبر 1993، يهدف في المقام الأول إلى تجنب بقاء الموظف المسؤول في نفس المنصب ونفس المركز لمدة تتجاوز المدة المسموح بها قانونيا، تفاديا لتعثر سير الادارة ونشوء عادات تخل بحسن تدبيرها، ولما له من انعكاس مباشر على حسن تدبير المرافق العمومية وعلى مستوى الخدمات المقدمة.
سيعود نفس المسؤول، الذي تم تمديد مهامه لثلاثين شهرا كمدير رسمي هذه المرة، ففي 25 أبريل 2023 فتح باب الترشح لشغل منصب المدير. وتقدم المدير المعني كمرشح. وفي 27 شتنبر 2023 ستطلع علينا قصاصة لمجلس الحكومة تخبر أن المجلس قد صادق بناء على اقتراح من وزيرة الاقتصاد والمالية بتعيين حسن بولقنادل مديرا لمكتب الصرف. “ومن طبيعة الحال فإن هذا التعيين كان سيمتد لمدة خمس سنوات. ومن تم كان بولقنادل سيقضي مدة 12 سنة ونصف كمدير لمكتب الصرف.
بعد مرور حوالي خمسة أشهر على قرار مجلس الحكومة سيحدث تطور مفاجئ. ففي يوم الأربعاء 20 مارس 2024 ستنشر وسائل الإعلام “خبرا يقول بالحرف أن المجلس الإداري للصندوق المهني للتقاعد CIMR قد وافق على تعيين حسن بولقنادل مديرا عاما للصندوق خلفا لخالد الشدادي، وهنا ستعم “الحيرة مجددا هل يتعلق الأمر بترقية، فقد كانت تستوجب التنويه علانية بعمل المسؤول المعني بالأم، أم يتعلق الأمر بإعفاء أملته ظروف معينة.
ويؤطر التعيين في جميع المناصب العليا بكونه ليس حقا مكتسبا، بل يمكن التراجع عنه في أي وقت وحين وخاصة إما بناء على طلب المعني بالأمر، أوعلى إثر تعيين من يخلفه في مهامه طبقا للمسطرة القانونية المعمول بها، أو بإعفاء من طرف السلطة الحكومية المعنية وموافقة رئيس الحكومة على ذلك.