المهدي الزوات يكتب: المعاش الذي أسقط قناع بنكيران

كثيرة هي القصص التي تحكى عن رجال السياسة وكيف انهم استفادوا من كعكة السلطة بطريقة أو بأخرى، وكيف انهم جعلوا ثقة المواطنين سلما لتسلق الدرجات خدمة لمصالحهم الشخصية التي  رغم اختلاف طبيعتها إلا أنها تشترك في الهدف الأخير : الحصول على المال لتحسين الوضع السوسيو-اقتصادي.

عبد الإله بنكيران هو سياسي مغربي لم يستطع أن يخرج عن القاعدة المذكورة سالفا، فبعد كثير من الخطب والخطابات، الدينية والسياسية، استطاع ان يكسب ثقة المواطنين ليصوتوا على حزبه وليتبوء، كأمين عام للحزب، منصب رئيس الحكومة لخمس سنوات، وبعدها يضرب عرض الحائط كل الخطب والخطابات من قصص عمر ابن الخطاب وعمر ابن عبد العزيز وشيم  أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، بل ويتجاوزها إلى الكذب وادعاء « الفقر » في تناف واضح مع تعاليم الدين الإسلامي، الذي استغله حزب بنكيران من أجل الوصول إلى السلطة، حيث جاء في كتاب الله تعالى « وأما بنعمة ربك فحدث » صدق الله العظيم. وجاء في الحديث النبوي الشريف أن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  » التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر »، فكيف لشخص أن يحصل على رواتب عديدة وأموال طائلة تعويضا عن تنقلاته وتقاعده البرلماني والوزاري أن يتظاهر على أنه في ضائقة مالية وأن الحال وصل به للبحث على شغل؟ أليس هذا نكران لنعم الله؟  أليس هذا تعارض بين الخطاب والممارسة؟ وكيف لشخص يتبنى « المرجعية الإسلامية » أن يلجأ للكذب ونكران النعم لتبرير ما هو سياسي؟

بنكيران بخرجاته، التي فقدت بريقها، يحاول أن يقنع المتتبع بأنه ليس الوحيد الذي استفاد وأن الأمر طبيعي، وذلك عن طريق إقحامه، بمساعدة « مريديه » عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لشخصيات سياسية أخرى عرفت في مجال المال والأعمال بالموازاة مع مهامها السياسية، بل الأكثر من هذا، حاول فيما مرة أن يقحم المؤسسة الملكية كطرف في هذه القضية وذلك عن طريق تمرير رسائل من قبيل أن « صاحب الجلالة هو من أرسل لي سي فؤاد » و « إنني لم أطلب يوما هذا المعاش بل صاحب الجلالة هو من تكرم علي به عندما علم بضيق حالي » وابنته التي كتبت « اتحدى ان يرفض احدكم هدية من صاحب الجلالة ». وهنا تظهر ملامح اللعبة السياسية التي يقدوها بنكيران بشكل دائم بهدف التشكيك في كل مؤسسات الدولة استمرارا لنهج سياسات « العفاريت » … « التماسيح » … « التحكم ». فهو يتقن مرونة التنقل من دور البطل (عندما يتعلق الأمر بإنجاز إيجابي مثل صندوق الأرامل) إلى دور الضحية الذي لا يقوم إلا بتنفيذ الأوامر ويعاني من عرقلة أطياف أخرى في المحيط الملكي.

يظل بنكيران متمسكا بأمله في العودة للحياة السياسية دون أن يكون له مانع في قبول أي شكل من أشكال العودة ولو على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي فقط، ظنا منه أن ظروف حركة 20 فبراير ستعود وسيعود معها ركوبه على الموجة. لكن بنكيران لم يفهم أن رئاسة الحكومة في المغرب هي بمثابة نهاية المسار السياسي، وأنه لا يوجد هناك شيء آخر بعدها. فالأمثلة عديدة لشخصيات سياسية تقاعدت سياسيا بمجرد نهاية ولايتها رغم كل ما قدمته للوطن وللمواطنين.

على بنكيران أن يفهم بأن ردة فعل المغاربة القاسية اليوم هي نتيجة إحساس بالخيانة … نعم، فقد صدقوك يوما وظنوا أن كرشك ستظل تغرغر حتى أن يشبع آخر جائع من فقراء المسلمين، فوجدوك تستفيد من أموال الدولة وتواصل في نفس الوقت إقناعهم بأنك فقير مثلهم وأنك ستعود للدفاع عنهم.

نعم … صدقوك وخنت ثقتهم بك فلابأس أن تتقبل غضبهم … وأن تغتدر في صمت … فلقد ضيعت فرصا عديدة كي يحتفظ بك التاريخ في أنظف صفحاته واخترت ان تصطف إلى جانب الكذابين والمنافقين والمستفيدين الذين ضاق المغاربة بهم ذرعا.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *