الميلودي المخارق.. حين تتحول النقابة إلى عرش أبدي!

عاد الميلودي المخارق ليجدد عهده بالقيادة داخل الاتحاد المغربي للشغل، متجاوزًا كل الأعراف الديمقراطية ومتحديًا حتى القانون الأساسي للنقابة الذي يحدد عدد الولايات في اثنتين فقط. منذ 2010، حين أمسك بزمام القيادة، تحول الاتحاد إلى معقل مغلق، حيث يصبح التغيير مجرد شعار مفرغ من أي مضمون، بينما يبقى القرار بيد رجل واحد يرفض أن يتزحزح عن موقعه.

المؤتمر الوطني الثالث عشر، الذي كان من المفترض أن يكون لحظة ديمقراطية بامتياز، تحول إلى استعراض جديد لقوة الرجل الواحد، حيث تم فرض إعادة انتخاب المخارق بأغلبية محسومة سلفًا، دون أي منافسة حقيقية أو تداول شفاف. الأكثر من ذلك، تم منع الأصوات المعارضة من حضور المؤتمر، في مشهد لا يختلف عن أساليب التحكم داخل بعض الأحزاب التي لطالما انتقدتها النقابات نفسها.

ورغم أهمية الحدث، إلا أن حضوره السياسي كان باهتًا، حيث غاب أعضاء الحكومة وقيادات الأحزاب السياسية، سواء من الأغلبية أو المعارضة، باستثناء ممثلين عن حزبي التقدم والاشتراكية والاشتراكي الموحد. أما الميلودي المخارق، الذي لم يتردد في مهاجمة الحكومة بسبب تمرير قانون الإضراب، فقد استخدم الآلية ذاتها داخل النقابة، مستندًا إلى الأغلبية العددية لضمان بقائه على رأس التنظيم، وكأن الاتحاد المغربي للشغل ملكية خاصة لا يجوز أن تنتقل إلى غيره. فالرجل، الذي تجاوز 75 عامًا ودخل مرحلة التقاعد، يصر على الاحتفاظ بالقيادة، متجاهلًا كل الدعوات إلى التشبيب والتجديد، رغم أنه من بين الأصوات التي تحذر من عزوف العمال عن الانتماء للنقابات.

إن استمرار هذا الوضع لا يعكس فقط أزمة الاتحاد المغربي للشغل، بل هو صورة مصغرة للأزمة العميقة التي يعيشها المشهد النقابي في المغرب، حيث تحولت الزعامات النقابية إلى كراسي أبدية، واستُبدل مبدأ التداول الديمقراطي بممارسات الهيمنة والإقصاء. وهذا ما يفسر التراجع المستمر في نسبة المشاركة في الإضرابات، خصوصًا في القطاع الخاص، حيث فقد العمال الثقة في جدوى الانتماء إلى نقابات تدار بعقلية التحكم بدل روح النضال.

وفي غياب قانون ينظم الحياة النقابية بشكل صارم، تبقى الساحة مفتوحة أمام استمرار نفس القيادات، بنفس الخطابات، بنفس الأساليب، دون أي أفق للتغيير. وإذا كان الاتحاد المغربي للشغل، الذي يفترض أنه تنظيم تقدمي، لا يستطيع تطبيق الديمقراطية الداخلية، فكيف يمكن أن يكون قوة اقتراحية للدفاع عن حقوق العمال في وجه الحكومة وأرباب العمل؟ هذا هو السؤال الجوهري الذي يجب أن يطرحه كل من لا يزال يؤمن بالعمل النقابي كأداة تغيير، وليس كأداة احتكار.