كريم الأحمدي/باحث رياضي
أثار الأداء المتواصل للمنتخبات المغربية خلال السنوات الأخيرة موجة واسعة من الجدل في الأوساط الرياضية العربية، حيث اعتبر العديد من المتابعين أن بعض المحللين باتوا يقدمون قراءات بعيدة عن الواقع، في وقت ينتقل فيه المغرب إلى مرحلة مختلفة تماماً على مستوى التكوين والبنيات والتنافسية الدولية.
فبينما ينشغل جزء من الإعلام العربي بخطاب المبالغة والتهريج، يواصل المغرب بقيادة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بقيادة فوزي لقجع إطلاق إصلاحات عميقة تمسّ بنية التكوين، البنيات التحتية، مدارس الأكاديميات، وتأطير الأطر التقنية، ما جعل المملكة في ظرف سنوات قليلة تنتقل من منافس إقليمي إلى قوة كروية صاعدة عالمياً.
وبحسب تقارير دولية، أصبح المغرب اليوم يمتلك قاعدة بشرية وبنية احترافية تسمح له — نظرياً وعملياً — بتشكيل ثلاثة منتخبات كاملة قادرة على خوض بطولات مختلفة في الوقت نفسه، بفضل وفرة المواهب داخل المغرب وفي الجالية عبر أوروبا.
ويرى خبراء مستقلون أن “المنهج المغربي” الذي يجمع بين الاستثمار في الأكاديميات، وتطوير ملاعب القرب، وتكوين المدربين، وتحسين الحكامة، بات نموذجاً يجب الاحتذاء به من طرف الدول التي تسعى لبناء مشروع كروي ذي رؤية واضحة واستمرارية.
وفي المقابل، تتعرض بعض البرامج الرياضية العربية لانتقادات بسبب ابتعادها عن التحليل الرصين واعتماد خطاب التطبيل أو التهجم، دون قراءة موضوعية للتحولات الكبرى التي يشهدها المشهد الكروي في المنطقة. ويرى مراقبون أن الكرة العربية تراجعت مقارنة بما كانت عليه قبل عشرين عاماً، بسبب غياب المشاريع طويلة الأمد وانشغال جزء من الإعلام بالجدل والارتجال.
ويواصل المغرب اليوم مساره بثبات، محققاً نجاحات متتالية على مستوى المنتخبات، الكاف، البطولات العالمية، والبنية التحتية، ما جعل الجماهير العربية تُشيد بتحوله إلى قصة نجاح غير مسبوقة في العالم العربي.
وبين واقع الإنجاز المغربي وتهريج بعض المنابر، يبدو أن الزمن الرياضي في المنطقة انقسم إلى مسارين مختلفين: مسار بناء وتطوير، ومسار ضجيج بلا مضمون.






