النموذج التنموي المغربي بين الإختلالات والرهانات المستقبلية

الطالب حمزة يسين يكتب:
من البديهي أن النمودج التنموي في المملكة المغربية خلال الفترات الأولى من إطلاقه كان يحضى بتطلعات كبيرة جدا وبإشادة ملكية، حيث إعتبر هذا النمودج التنموي أداة للقضاء على مختلف مشاكل المواطنين، كالقضاء على الفقر والبطالة والهشاشة، والحد من الفوارق بين الفئات، والتفاوتات المجالية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وغيرها من الأمور التي تقلق بال كل مواطن مغربي، لكن كل هذه التطلعات وأمال كلها تحولت إلى تطلعات فاشلة وناقصة ومخزية بهذا المعنى، تطال هذا النمودج التنموي الذي أظهر عدة اختلالات ونواقص أدت بالملك إلى الإقرار خلال خطابه بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية لشهر أكتوبر سنة2017 بأن هذا النمودج التنموي قد إستنفذ، وبلغ أقصاه، مما يستدعي الإسراع نحوخلق نمودج تنموي جديد، بغية مواكبة أخر المستجدات والتطورات التي تعرفها المملكة وتبني رؤية جديدة قادرة على تجاوز كل الصعوبات التي تواجه عجلة التنمية، والقضاء على مكامن الضعف والتي كان يعاني منها النمودج التنموي الحالي.

ومن بين الإختلالات التي أدت إلى فشل هذا النمودج الحالي هو اعتماد الاستهلاك باللجوء إلى سياسة الاقتراض، فقد وقف تقرير المجلس الأعلى للحسابات في سنة2016-2017 بخصوص تصاعد وتيرة دين خزينة الدولة إلى مستويات قياسية، إذ بلغ مع نهاية 2017 مايناهز 692.3 مليار درهم، بنسبة 65.1 في المئة مع الناتج الداخلي الخام بالإضافة إلى أن حجم الإجمالي لمديونية القطاع العام ارتفع من 918.2 مليار درهم لسنة 2016 إلى 970 مليار درهم في أواخر سنة 2017 أي زيادة 51.8 مليار درهم في ظرف سنة واحدة.

هذا وقد أكد تقرير البنك الدولي أن المستوى المعيشي للمغاربة يعادل حاليا نظيره لدى الفرنسين في عام 1950 و لدى الإيطالين في عام 1955 و الإسبان في عام 1960 ، كذلك توقيع المغرب على 55 اتفاقية للتبادل الحر تسببت في عجز تجاري قارب 200 مليار درهم، كما يفترض هذا الوضع إعادة تقييم الارتهان إلى سياسات المؤسسات المالية الدولية وشروطها التي ترهن المواطنين و الوطن لقرون من الزمن، كما أن النمو الإقتصادي لايعرف منحى تصاعدي ثابتا كما هو الحال بالنسبة لمجموعة من الدول، وإنما هو نمو متقلب بسبب اعتماد المغرب بشكل كبير على القطاع الفلاحي والذي بدوره مرتبط بالتساقطات المطرية الغير متحكم بها، اهمال الشق المتعلق باليات خلق الثروة وتوزيع ثمار التنمية، غياب المقاربة المندمجة وغياب الكفاءات المختصة في الميدان، ضعف التنيسق بين القطاعات الوزارية وغيرها من الأمور التي أدت إلى إقبار النمودج التنموي الحالي.

وعليه فإن النمودج التنموي الجديد في المغرب ينبغي أن توضع له استراتيجية شاملة للتنمية وأن يتضمن إصلاح شامل يهم كل الحاجات الحقيقية للفرد والمجتمع ويحدد الأهداف والغايات و التوزيع العادل لثروة، محو الفوارق الإجتماعية والمجالية إرساء نمودج تنموي عادل ومنصف، وكذلك أيضا مشاركة مختلف الفاعلين من أحزاب سياسية ومجتمع مدني و النقابات .

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *