الهجرة السرية تتطور: مهربو البشر يتجهون إلى “التجيتسكي” والمنطاد الطائر للعبور نحو أوروبا

مولاي العربي أحمد/تطوان
تشهد شبكات تهريب البشر في سواحل شمال المغرب تحولًا لافتًا في أساليبها، مع ظهور وسائل غير تقليدية مثل الدراجات المائية “التجيتسكي” والمناطيد الطائرة كخيار جديد لنقل المهاجرين السريين إلى السواحل الإسبانية. هذه التطورات تضع السلطات الأمنية أمام تحديات غير مسبوقة وتؤكد أن الهجرة غير الشرعية لم تعد حكرًا على قوارب الموت التقليدية.

وبحسب مصادر أمنية متطابقة، بدأت بعض الشبكات الإجرامية باستعمال الدراجات المائية ذات السرعة العالية لنقل المهاجرين عبر مسافات قصيرة في البحر الأبيض المتوسط، خصوصًا بين سواحل الشمال المغربي ومنطقتي طريفة والجزيرة الخضراء جنوب إسبانيا. في الوقت نفسه، رصدت محاولات محدودة لاستخدام المناطيد الهوائية كوسيلة لتجاوز المراقبة البحرية، وهو ما يعكس بحث هذه الشبكات عن طرق مبتكرة لتفادي الدوريات البحرية والرادارات.

ويرى خبراء الهجرة أن “التجيتسكي” يمنح المهربين قدرة على المناورة والسرعة العالية، ما يقلل فرص اعتراضهم، لكنه يزيد من خطر الغرق نظرًا لحمولته المحدودة وافتقاره إلى وسائل السلامة. أما استخدام المنطاد فيبقى أكثر خطورة بسبب صعوبة التحكم في مساره واعتماده على الظروف الجوية.

أمام هذه المستجدات، كثفت البحرية الملكية والدرك الملكي حملاتها الاستباقية، مع تعزيز التعاون الاستخباراتي مع الأجهزة الأمنية الإسبانية. كما وضعت السلطات خططًا لرصد أي تحركات جوية أو بحرية مشبوهة باستخدام طائرات مسيرة ورادارات متطورة.

مصادر ميدانية أكدت أن هذه الأساليب “الجديدة” تبقى محدودة حتى الآن، لكنها مؤشّر على أن مهربي البشر يملكون القدرة على الابتكار لمواجهة أي تشديد أمني، وهو ما يتطلب تطوير أدوات المراقبة باستمرار.

يربط محللون توسع هذه الظاهرة بارتفاع الطلب على الهجرة غير الشرعية بين الشباب المغاربة والمهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء. ارتفاع معدلات البطالة وغلاء المعيشة يدفع الكثيرين إلى دفع مبالغ طائلة لمهربي البشر، حتى لو كانت الوسيلة المستخدمة شديدة الخطورة.

بين “التجيتسكي” والمنطاد الطائر، يبدو أن سباقًا مفتوحًا يدور بين المهربين والسلطات، حيث يسعى الأولون لابتكار طرق جديدة، بينما يطور الثانيون آليات المراقبة والردع. ورغم محدودية هذه الوسائل حاليًا، إلا أنها مؤشر على أن ملف الهجرة غير الشرعية يتجه نحو مزيد من التعقيد والتقنيات الخطرة، ما يستدعي تدخلًا شاملًا يدمج الأمن والتنمية والتعاون الإقليمي.