بقلم: منصف الادريسي
إن المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، يسير بخطى واثقة نحو تحقيق تحول استراتيجي في مجال الطاقات المتجددة، واضعاً نصب عينيه الريادة الإقليمية والعالمية في هذا القطاع الحيوي.
هذه الرؤية الملكية الطموحة، التي ترتكز على تعزيز السيادة الطاقية وتقليص الكلفة الطاقية، تجسدت في توجيهات سامية خلال جلسة العمل الملكية المنعقدة يوم 22 نونبر 2022، حيث دعا عاهل البلاد إلى تسريع وتيرة مشاريع الطاقات المتجددة، بما في ذلك مشروع الهيدروجين الأخضر.
لكن في ظل هذا المسار الواضح والطموح، تبرز وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، كعقبة أمام هذه الرؤية، إذ أنه تصريحاتها الأخيرة، التي جاءت خلال لجنة برلمانية في 22 يناير 2025، كشفت عن موقف متردد ومثير للريبة، عندما أعلنت أن “عرض المغرب” في مجال الهيدروجين الأخضر قد يتوقف إذا لم يكن تنافسياً بحلول عام 2030، وهي التصريحات التي تفتقر إلى أي حس بالمسؤولية السياسية أو الوطنية، وتعكس افتقار الوزيرة للالتزام بالرؤية الملكية وتضع علامات استفهام خطيرة حول نواياها ومدى ارتباطها بالمصلحة العليا للوطن.
إن حديث الوزيرة عن “الكلفة المائية المرتفعة” و”دراسات الرصد” كمبرر لتأجيل أو تعليق المشروع، يكشف عن فشل واضح في مواجهة التحديات وغياب رؤية عملية لتطوير هذا القطاع الحيوي. بدلاً من اتخاذ قرارات جريئة تتماشى مع التوجيهات الملكية، اختارت الوزيرة التهرب والاختباء خلف ذرائع واهية، وكأنها تسعى لعرقلة هذا المشروع الاستراتيجي عن عمد.
وما يثير الريبة بشكل أكبر هو التناقض الصارخ بين تصريحات الوزيرة وتوجيهات الملك محمد السادس، الذي شدد على ضرورة الإسراع في تنفيذ المشاريع الكبرى للطاقة النظيفة، بما فيها مشروع “نور ميدلت” ومجالات تحلية مياه البحر، كجزء من تعزيز السيادة الطاقية للمغرب، فهل يعقل أن وزيرة مكلفة بتنفيذ هذه الرؤية الطموحة، تصرح علناً بأنها قد تتخلى عن مشروع بهذا الحجم والأهمية؟
إن هذا الموقف المتردد قد يكون سوى غطاء لأجندات غامضة قد تسعى إلى تقويض طموح المغرب في أن يصبح مركزاً عالمياً للطاقة النظيفة، حيث أن تصرفات الوزيرة وتبريراتها غير المقنعة تفتح المجال أمام تساؤلات خطيرة حول مدى استقلالية قراراتها، وهل هي فعلاً في خدمة المواطن المغربي أم أنها تخدم مصالح أخرى لا تتماشى مع الرؤية الملكية؟
إن مسؤولية الوزيرة في هذا المنصب الحساس تتطلب شجاعة سياسية ورؤية استراتيجية تعكس الإرادة الملكية والطموحات الوطنية، لكنها بدل ذلك، اختارت تبني خطاب يثير الشكوك ويضر بمصداقية المغرب أمام المستثمرين الدوليين الذين ينظرون إلى المملكة كوجهة واعدة في مجال الطاقات المتجددة.
لا يمكن السكوت عن مثل هذه التصريحات، التي تهدد بتقويض مشروع ملكي استراتيجي يمهد الطريق لاستقلال المغرب الطاقي ولتعزيز مكانته كدولة رائدة في الاقتصاد الأخضر، حيث إذا لم تكن الوزيرة قادرة على مواكبة هذه الرؤية وتنفيذها بكل حزم، فإن بقاءها في منصبها يشكل خطراً على المستقبل الطاقي للبلاد ويعطي إشارات سلبية عن جديتنا كدولة في تحقيق أهدافنا الطاقية.
إن المواطن المغربي، الذي يؤمن بقدرة بلاده على تحقيق الريادة، لن يغفر لأي مسؤول يعرقل هذه المسيرة أو يخون تطلعاته. وجلالة الملك، الذي وضع خريطة طريق واضحة لمستقبل الطاقة في المغرب، لن يقبل بأي شكل من الأشكال بمسؤولين يفتقرون إلى الكفاءة أو الإرادة السياسية لتحقيق هذه الرؤية. وعلى الوزيرة أن تدرك أن الشعب والتاريخ لن يرحما من يتخاذل عن خدمة وطنه أو يتلاعب بمشاريعه الاستراتيجية.