هاشتاغ _ الرباط
في خطوة تُعد اختباراً حقيقياً لقدراته السياسية، فشل وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، في تمرير مشروع القانون التنظيمي المتعلق بحق الإضراب.
الجلسة التي انعقدت يوم 6 يناير 2025 داخل لجنة التعليم والشؤون الاجتماعية والثقافية بمجلس المستشارين كشفت عن ضعف واضح في الأداء الحكومي وغياب رؤية استراتيجية لإدارة الملفات الاجتماعية الحساسة، مما عرّض الوزير ومعه الحكومة لانتقادات لاذعة من ممثلي النقابات وأطراف أخرى.
وعكسَ مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة دون أدنى تشاور فعلي مع الشركاء الاجتماعيين، رغبة واضحة في تجاوز الحوار، وهو ما اعتبرته النقابات محاولة لتقويض حق الإضراب وضرب المكتسبات الدستورية التي كافح العمال المغاربة لعقود من أجل تحقيقها.
الوزير يونس السكوري، الذي كان من المفترض أن يكون وسيطاً لبناء التوافق بين الحكومة والهيئات النقابية، ظهر كمنفذ لتوجيهات فوقية، فاقداً لأي قدرة على احتواء التوترات أو تقديم رؤية متوازنة تضمن حماية حقوق الشغيلة ومصالح أرباب العمل.
وجاء تعليق الجلسة بعد ثلاث ساعات فقط من النقاش ليُجسد الإرباك الحكومي في مواجهة موقف نقابي صارم، وليرسم صورة واضحة عن وزير عاجز عن إدارة الحوار أو مواجهة الانتقادات. ممثلو النقابات لم يخفوا استياءهم، ووجهوا اتهامات مباشرة للحكومة بالسعي إلى تمرير قوانين تستهدف قمع الحركات النقابية والتضييق على حقوق العمال، وهو ما ينذر بموجة جديدة من الاحتقان الاجتماعي.
وفي الوقت الذي كانت فيه الحكومة بحاجة إلى تعزيز الحوار الاجتماعي لتفادي تفجر الأوضاع، اختارت المضي في منهجية سلطوية، متجاهلة الدور الأساسي للنقابات كشريك محوري في صياغة السياسات الاجتماعية. هذا الأسلوب الذي تفنن في تنفيذه يونس السكوري أثبت فشله، حيث أظهرت النقاشات داخل اللجنة حجم المعارضة الواسعة لهذا المشروع، ليس فقط من النقابات، بل حتى من أطراف داخل الأغلبية البرلمانية نفسها.
يونس السكوري، الذي يقف على رأس قطاع يُعد من أكثر القطاعات تأثيراً في الاستقرار الاجتماعي، قدم أداءً يوصف بالكارثي في هذا الملف، حيث أن عدم قدرته على التفاوض أو تقديم حلول توافقية يعكس افتقاراً للكفاءة السياسية والقيادية المطلوبة في إدارة قضايا مصيرية.
مشروع قانون الإضراب كان من المفترض أن يكون فرصة لتأكيد التزام الحكومة بالدستور واحترامها لآليات الحوار الديمقراطي، لكنه تحول إلى دليل دامغ على إخفاقها في الوفاء بوعودها وعلى رأسها تعزيز الشراكة مع الفاعلين الاجتماعيين.
هذا الفشل، الذي يُعد بداية سيئة للوزير يونس السكوري في واحدة من أخطر القضايا المطروحة على الساحة، يضع الحكومة أمام تحديات أكبر في المستقبل، حيث بات واضحاً أن الشغيلة المغربية لن تقبل بأي خطوة تستهدف حقوقها دون مقاومة. ومع هذا الإخفاق، يبدو أن الوزير، والحكومة برمتها، أمام امتحان أصعب لإعادة بناء الثقة المفقودة، وهي مهمة تبدو شبه مستحيلة في ظل استمرار النهج الأحادي وتجاهل صوت الشارع والنقابات.