هاشتاغ _ محسن النياري
تتوالى صفقات وزارة الشباب والثقافة والتواصل المثيرة للجدل، إذ أطلق المهدي بنسعيد، الوزير الوصي على القطاع، صفقة بقيمة 564,000 درهم تشمل إيواء وتدبير المنصة الرقمية للنشر “Culture.ma”، لفائدة وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة.
ووفقًا لوثائق حصل عليها موقع “هاشتاغ”، فإن الصفقة رقم 24/م.ش.ا.م/م.ع/2024 تهدف إلى إيواء وتدبير منصة “Culture.ma”، التي تجمع بين موقع إلكتروني وتطبيق محمول، لكنها أثارت تساؤلات حول طبيعة المشروع وشروط تنفيذه ومدى تحقيقه للأهداف المعلنة.
وتفيد الوثائق التي يتوفر عليها موقع “هاشتاغ” أن الوزارة حدّدت تكلفة المشروع التقديرية بـ564,000 درهم، مع فرض ضمان مؤقت قدره 6,000 درهم على الشركات المتنافسة، حيث يُرتقب أن يتم البت في العروض خلال جلسة يوم الثلاثاء 24 دجنبر 2024.
وتشير الوثائق إلى أن المزود الذي سترسو عليه الصفقة ملزم بمهام متعددة، منها إيواء المنصة من خلال تثبيت وإعداد وإدارة خادم استضافة ويب، وتثبيت شهادات SSL، إدارة النسخ الاحتياطي والاسترجاع، وترحيل اسم النطاق ووضعه على الإنترنت. كما يتعين عليه ضمان حماية المنصة من الاختراقات وتنفيذ اختبارات دورية لاستعادة النسخ الاحتياطي، وغيرها من الاجراءات التقنية البسيطة التي لا تتطلب هذا المبلغ المالي المخصص، ويمكن القيام به من طرف تقنيي الوزارة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تثار فيها انتقادات حول “Culture.ma”. فقد أُطلقت المنصة سنة 2021 بتكلفة قاربت 600,000 درهم، في صفقة أسندت حينها إلى شركة BROME قبل شهرين فقط من الانتخابات التشريعية.
ورغم تقديم المشروع على أنه فضاء تفاعلي يتيح مكتبة افتراضية للعموم ومحتوى متعدد الوسائط، إلا أن المنصة تعاني من غياب واضح للتحديث والتطوير، حيث أن المحتوى المنشور على الموقع لم يشهد أي تجديد منذ أشهر، كما أن المنصة تفتقر إلى الحضور أو الشهرة، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، حيث لا يكاد المغاربة أو الأجانب يسمعون بها أو يستفيدون من خدماتها.
وفي ظل هذه المعطيات، يصبح التساؤل حول جدوى الاستثمارات المتكررة في المنصة أكثر إلحاحًا. إذ كيف يمكن تبرير صرف مبالغ كبيرة من المال العام على مشروع لم يحقق أهدافه المعلنة؟ هل يتعلق الأمر بسوء تخطيط، أم ضعف في التنفيذ، أم ربما هو غياب كامل للمحاسبة والشفافية في تدبير هذه المشاريع؟
ويبقى السؤال الأهم، إلى متى ستستمر مثل هذه الصفقات في استنزاف المال العام دون تحقيق نتائج ملموسة، حيث أن المواطنون بحاجة إلى إجابات واضحة من الوزارة، لا سيما وأن هذه الصفقات غالبًا ما تُبرَّر بشعارات مثل “الرقمنة” و”الابتكار”، بينما الواقع يعكس سوء إدارة وفشلًا في تحقيق الأهداف الأساسية، إذ أن الترويج لمشاريع بهذا الحجم دون ضمان فعاليتها هو إهدار غير مقبول للموارد، ويدعو إلى ضرورة المساءلة وإعادة النظر في أولويات الإنفاق العام.