الوزير بنسعيد يُبرم صفقتين بأزيد من نصف مليار لمشروع سجلماسة الأثري وسط تساؤلات حول اختيار الشركتين الفائزتين!!

هاشتاغ _ أكرم الدرفوفي

يُواصل المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، التأشير على الصفقات المثيرة للجدل، حيث أشر يوم الخميس 28 نونبر الجاري على صفقتين تتعلقان بمشروع بناء مركز حماية وتثمين الموقع الأثري سجلماسة، وبلغت القيمة الإجمالية للصفقتين 6,012,000.00 درهم، أي ما يعادل 601.2 مليون سنتيم، غير أن تفاصيل الوثائق المتعلقة بالصفقتين، والتي يتوفر عليها موقع “هاشتاغ”، تثير عدة تساؤلات حول معايير منح الصفقات في الوزارة، خاصة بالنظر إلى العروض المالية المقدمة من الشركات المشاركة.

الصفقة الأولى تحمل رقم 14/DAAF/FNAC/2024، وتتعلق بالدراسات التقنية وتتبع أشغال بناء مركز حماية وتثمين الموقع الأثري سجلماسة، حيث بلغ العرض الفائز، المقدم من شركة أومنيوم تكنولوجيك أسستنس آند إتيود، 4,200,000.00 درهم. لكن المثير للاهتمام أن شركة شركة دراسات الهندسة المدنية “سوجك” قدمت عرضًا ماليًا أقل بقيمة 3,600,000.00 درهم، أي أقل بـ600,000.00 درهم من الشركة الفائزة. ورغم ذلك، لم يتم منحها الصفقة. أيضًا، قدمت شركة إتي إم للهندسة عرضًا بـ 3,750,000.00 درهم، لكن لم يتم منحها الصفقة. إذ اعتبرت اللجنة في الوثائق التي يتوفر عليها موقع “هاشتاغ” أن الاختيار استند إلى معيار “العرض الأكثر اقتصادًا ومطابقة للشروط”، ما يثير تساؤلات حول الأسباب التي دفعت اللجنة إلى تفضيل عرض أعلى تكلفة على الرغم من تطابق العروض الأخرى مع الشروط الإدارية والتقنية.

الصفقة الثانية تحمل رقم 20/DAAF/FNAC/2024، وتتعلق بمراقبة الدراسات التقنية وتتبع الأشغال الخاصة بالمشروع نفسه، وهي الصفقة التي فازت بها شركة سوتك ماروك إس إيه التي قدمت عرضًا بقيمة 1,812,000.00 درهم. ومع ذلك، تشير الوثائق التي يتوفر عليها موقع “هاشتاغ” إلى أن شركة ديكرا إنسبكشن إس إيه قدمت عرضًا ماليًا أقل بقيمة 1,800,000.00 درهم، بفارق 12,000.00 درهم. ورغم أن الفارق المالي ضئيل، إلا أن هذا الاختيار يثير تساؤلات مشابهة حول المعايير المستخدمة لمنح الصفقة، خاصة أن جميع الشركات المشاركة في هذه الصفقة كانت مقبولة إداريًا وتقنيًا بدون تحفظات.

ومن المثير للاستغراب أن تخصص الوزارة صفقة منفصلة لمراقبة الدراسات التقنية وتتبع الأشغال لمشروع واحد، وهو أمر يطرح تساؤلات جدية حول مبررات هذا الإجراء، حيث أنه عادةً ما يتم دمج هذه المهام في صفقة واحدة شاملة، مما يوفر التكامل بين مراحل الدراسة والتنفيذ ويقلل من التكاليف الإدارية. هذا الفصل بين المراحل قد يبدو كأنه محاولة لخلق منافذ إضافية للإنفاق دون وجود مبرر واضح، خاصة أن طبيعة المشروع لا تبدو معقدة بما يكفي لتبرير هذه التجزئة.

وفي كلتا الصفقتين، تم تجاوز العروض الأقل لصالح عروض أعلى تكلفة، مما قد يكون هذا القرار مبررًا إذا كانت هناك أسباب تقنية أو إدارية تبرر تفضيل الشركات الفائزة، ولكن غياب التوضيح في الوثائق يجعل الأمر غامضًا.

فمعيار “العرض الأكثر اقتصادًا ومطابقة للشروط” يُفترض أن يوازن بين الجوانب التقنية والمالية، غير أن اختيار عروض أعلى تكلفة يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت هناك عوامل إضافية أثرت على قرارات اللجنة، مثل الجودة التقنية أو الخبرة، إذ أن الوثائق التي يتوفر عليها موقع “هاشتاغ” لم توضح الأسباب التفصيلية لتفضيل الشركات الفائزة، خاصة في الصفقة الأولى، حيث كان الفارق المالي كبيرًا.

وتظهر الصفقتان التزام وزارة الشباب والثقافة والتواصل بمشاريع تهدف إلى تثمين التراث الوطني، غير أن الطريقة التي تم بها اختيار الشركات الفائزة تطرح العديد من التساؤلات، حيث أن منح الصفقات لشركات قدمت عروضًا مالية أعلى، رغم وجود عروض أقل تكلفة وتطابقها مع المعايير الإدارية والتقنية، يثير الشكوك حول مدى الالتزام بمعايير الشفافية والنزاهة.

كما أن عدم تقديم تبريرات مفصلة من قبل اللجنة حول أسباب تفضيل العروض الأعلى تكلفة يضع الوزارة أمام تساؤلات مشروعة حول كفاءة وموضوعية عملية الاختيار.