بقلم: عبد الرحيم طباش
بهدوء ودون ضجيج سياسي، يقود هشام صابري، كاتب الدولة المكلف بالشغل، تحولا جذريا داخل القطاع، واضعا أسسا جديدة لإصلاح منظومة التشغيل في المغرب.
ففي ظرف وجيز، استطاع الرجل أن يعكس رؤية الدولة الاجتماعية عبر إجراءات ملموسة، تعزز حقوق الأجراء وتفرض الامتثال للقوانين المنظمة لسوق الشغل، في انسجام تام مع التوجيهات الملكية السامية التي تحث على الحماية الاجتماعية كأولوية استراتيجية.
وبعيدا عن الخطابات الاستهلاكية، جاءت منصة معالجة شكايات عدم التصريح بالأجراء كخطوة عملية غير مسبوقة، تضع حدا لفوضى استغلال العمال خارج الأطر القانونية، وتمثل أداة حقيقية لمراقبة مدى احترام المشغلين لالتزاماتهم تجاه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
ولا يقتصر رهان هشام صابري على الإجراءات التقنية، بل يتعداه إلى تعزيز جسور الثقة بين الحكومة والفرقاء الاجتماعيين، انطلاقا من قناعة واضحة بأن الإصلاحات الكبرى لا يمكن أن تتم في بيئة يسودها التوتر والصدام. لهذا، كانت مقاربته قائمة على الحوار والتشاور مع النقابات، بعيدا عن منطق الهيمنة أو الاستفراد بالقرار.
فقد أدرك المسؤول الحكومي مبكرا أن المركزيات النقابية ليست خصما، بل شريك أساسي في استقرار سوق الشغل، وأن أي إصلاح لا يمكن أن ينجح دون انخراطها الفعلي.
ولذلك، عمل على إعادة تفعيل آليات الحوار الاجتماعي، مع تعزيز الثقة عبر خطوات ملموسة، تعكس احترام التزامات الدولة تجاه الأجراء وتوفير ضمانات حقيقية لتحسين أوضاعهم.
ولم تقتصر هذه الدينامية فقط على الاجتماعات الشكلية، بل ترجمت إلى التزامات فعلية، كان أبرزها التعجيل بمعالجة الملفات العالقة، والاستجابة لبعض المطالب المشروعة التي طالما ظلت حبيسة أدراج المكاتب المغلقة.
ولكن بينما يتحرك كاتب الدولة المكلف بالشغل هشام صابري بثبات في هذا المسار الإصلاحي، تتضح المفارقة الصادمة داخل وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، حيث يبدو أن الوزير يونس السكوري فقد السيطرة على قطاعه، غارقا في دوامة من الفوضى والصراعات العقيمة، حيث بدل أن يكون محركا للإصلاح، تحولت وزارته إلى ساحة احتقان دائم، لا صوت فيها يعلو على الفشل، وسط علاقات متوترة مع المركزيات النقابية وغياب أي رؤية واضحة لتجاوز الأزمات المتراكمة.
وبينما يعمل هشام صابري على إعادة بناء الثقة داخل القطاع، يبدو أن السكوري يواصل السير في طريق مسدود، حيث لا حوار، لا حلول، ولا نتائج سوى المزيد من التأزم والارتباك.