انهيار التكتل الشعبي بين أحضان أوزين.. كيان هجين يُفضَح في أول اختبار!

بقلم: أكرم الدرفوفي

منذ ولادته، كان التكتل الشعبي مجرد كيان هجين، بلا هوية سياسية واضحة ولا مشروع فكري متماسك، حيث بيع للناس على أنه تحالف سياسي بديل قادر على إحداث الفارق، لكنه لم يحتج حتى لبلوغ محطة انتخابية ليتبخر أمام أول اختبار حقيقي، ويتحول إلى شاهد آخر على العقم السياسي الذي يعيشه المغرب.

ولم تكن المصادقة على مشروع القانون التنظيمي للإضراب مجرد تصويت داخل قبة البرلمان، بل كانت لحظة فرز كشفت عن الخواء السياسي الذي يعاني منه هذا التكتل، حيث أن أحزاب التحالف الذي لم يرَ النور بعد لم تكن قادرة على تقديم موقف موحد تجاه واحد من أخطر القوانين الاجتماعية التي شهدها المغرب منذ الاستقلال.

فقد انحنت الحركة الشعبية، بقيادة محمد أوزين، للريح واختارت الاصطفاف مع الأغلبية لتمرير المشروع، في حين خرج الحزبان الآخران، الحزب المغربي الحر والحزب الديمقراطي الوطني، ليعلنا عن رفضهما للصيغة المطروحة، رغم أنهما لا يملكان أصلاً تمثيلية داخل البرلمان، وكأننا أمام مسرحية سياسية بلا نص محكم.

أما الطعنة القاتلة التي وجهها محمد أوزين إلى هذا التكتل الهش، فجاءت في اعترافه الصريح بأن الكيان الذي يتم الترويج له منذ أسابيع “لم يعقد بعد اجتماعه الأول”! إذا كان هذا هو حال كيان سياسي من المفترض أن يقدم بديلاً حقيقياً، فكيف له أن يدير دولة أو يؤطر المواطنين؟، وهذا ما يُؤكد أن هذا التكتل كان منذ البداية مشروعًا شخصيًا أكثر منه مبادرة سياسية حقيقية، وأن أوزين لم يكن سوى ساعٍ إلى خلق ورقة ضغط أو وسيلة للمساومة على موقع سياسي مستقبلي.

حزب الحركة الشعبية، الذي كان المفترض أن يكون العمود الفقري لهذا التكتل، سقط في فخ الحسابات السياسوية الضيقة، إذ رغم إدراكه أن القانون التنظيمي للإضراب يعاني من اختلالات بنيوية، قرر أن يُمرر المشروع باسم الواقعية السياسية، متناسياً أنه يقضي بذلك على أي فرصة لخلق ثقة بينه وبين الفئات المتضررة. أين هي “المواقف الموحدة” التي بشر بها محمد أوزين؟ أين هي “التوافقات الجماعية” التي تم الحديث عنها؟ كيف يمكن لكيان سياسي أن يفقد بوصلته أمام أول امتحان؟

والأدهى من ذلك، أن أوزين لم يكتفِ بالفشل في الحفاظ على وحدة موقف داخل التكتل، بل اختار الانسحاب إلى الخلف والحديث عن الانتخابات المقبلة، في محاولة مكشوفة لصرف الأنظار عن الفضيحة السياسية التي وقع فيها. فعندما يقول إن البعض بدأ الحديث عن انتخابات 2026، فإنه يحاول الهروب إلى الأمام، متناسياً أن الرهان الحقيقي كان هو إثبات الوجود في “الآن”، وليس الترويج لأحلام مستقبلية قد لا يكون فيها أي مكان لهذا التكتل الذي انهار قبل أن يبدأ.

ما حدث ليس مجرد اختلاف في وجهات النظر، بل هو سقوط سياسي مدوٍّ، وفضيحة تكشف أن المشهد الحزبي المغربي لا يزال يعيش على إيقاع تحالفات هشة، بلا مشروع مجتمعي واضح، وبلا قدرة على الصمود أمام أول نسمة ريح. التكتل الشعبي لم يكن سوى مناورة موسمية، سقطت عنها الأقنعة في أول مواجهة، وأثبتت أن محمد أوزين، بدل أن يكون رجل المرحلة، تحول إلى قائد تكتل وهمي مات حتى قبل أن يولد.