لوبي العقار يلتهم حياً سكنيا بسلا ويشرد 500 أسرة

موقع هاشتاغ – الرباط

سكان حي بلاد بن الصغير المتواجد ترابيا بحي الانبعاث التابع لمقاطعة تابريكت بسلا، وغالبيتهم من ذوي الدخل المحدود من الموظفين المدنيين والعسكريين، والمتقاعدين والعاطلين أيضا، وجدوا أنفسهم ذات صباح من سنة 2012 على خبر وقع عليهم كالصاعقة وأرغمهم على الدخول في كابوس حقيقي لن يخرجوا إلى اليوم من متاهاته المعقدة.

أصل حكاية هذا الحي، والتي بات أهله يمسون ويصبحون عليها، هي أن بيوتهم مقامة على أرض ليست ملكهم بعدما تم تحفظيها في ظروف أشبه ما تكون بالخداع القانوني الكبير.

هذه الحكاية،   غطت سماء هذا الحي ذات يوم من شهر أكتوبر 2008، وهو اليوم الذي تقدمت فيه السيدة “فاطمة العسري” بمقال مسجل لدى المحكمة الإدارية تعرض فيه بواسطة نائبها، أنها مالكة للعقار المسمى “بلاد بن الصغير “ذي الرسم العقاري عدد 50764/ر.. أي 4 هكتارات و27 آر المشكلة لحي كامل تقطنه الآن أكثر من 500 أسرة غالبيتها تتكون من ستة أفراد.

استندت المالكة إلى وثيقة لا يسمو إليها الشك: شهادة ملكية مسلمة من المحافظة العقارية على الأملاك العقارية بسلا، دون أي تقييد احتياطي على الملكية إلى غاية 2011، أي إلى غاية السنة التي أسس فيه سكان الحي جمعية أطلقوا عليها “جمعية سكان بلاد بن الصغير” وقيدوا باسمها تقييدا احتياطيا لفائدتهم على العقار المذكور.

في أواسط السبعينات قام مالك الأرض الأصلي الحاج بوبكر بن الصغير بتجزيء هذه القطعة الأرضية واسمتر على امتداد سنوات في بيعها مقسمة إلى بقع أرضية لسكانها الحاليين.

بحسب الوثائق التي أدلى بها السكان   فقد رخصت السلطات المحلية في تواريخ متعددة ومنذ تلك الفترة ببناء العديد من المرافق والتجهيزات من بينها، مسجد الحي الذي رخص ببنائه بترخيص وقع من طرف عامل مدينة سلا آنذاك محمد الشيخ بيد الله، (رخصة رقم 1/94 بتاريخ 22 يوليوز 1994).

في سنة 1996 قام المجلس البلدي لسلا آنداك بالترخيص لتجهيز الحي بشبكة الماء والكهرباء والصرف الصحي ثم خطوط الهاتف وشق الطرق (رخصة رقم 316 بتاريخ 18 ديسمبر 1996) في نفس السنة أي 1996 ستتم الموافقة على الملف التقني لإعادة هيكلة تجزئة الحي المصادق عليه.

بعد إنجاز كل هذه المرافق، استكان السكان إلى إحساس أنهم ملكوا قبر الحياة، وهم في غنى عن أن يبحثوا لأبنائهم عن بيت في وقت عز فيه الحصول عليه، ولم يكن يدر في خلدهم أن شيئا ما يحاك في الخفاء ليصحوا على واقع مر آخر وهو أن امتلاك سكن كان مجرد حلم تناهى إلى مخليتهم يوما ما، وقد أصبحوا بين ليلة يقطنون فوق أرض ليس لهم فيها شبر واحد وبقوة القانون.

يؤمن أعضاء المكتب المسير لجمعية “بلاد بن الصغير” وهم ممثلون اليوم على أعلى مستوى لساكنة الحي ما دام أن كل رب أسرة في الحي منخرط في الجمعية، أنهم وقعوا ضحية خداع كبير ونصب يفهمه فقط الراسخون في القانون والمتلاعبون الكبار النافذون في أكثر من جهة، فبعدما تيقن الذين أوقدوا هذه الفتنة أن كل الساكنة اكتفت بتحرير عقود عرفية (تتوفر الجريدة على نسخ من بعضها) واكتفوا أيضا بتسجيل تلك العقود، دون أن يكملوا العملية ويحفظوا ما اشتروه من بقع أرضية، نضجت في عقولهم فكرة إعادة اقتناء الاراضي التي بني فوقها الحي من لدن ورثة بوبكر بن الصغير بأثمنة لم تتجاوز في أحسن الأحوال مبلغ 600 ألف درهم، (تتوفر الجريدة أيضا على كل العقود التي أبرمتها فاطمة بن الصغير مع الورثة) بعد ذلك قامت هذه السيدة بتحفيظ كامل الأرض التي اشترتها من الورثة في 2007، على الحالة التي كانت التي تركها عليها المالك الأصلي أي أرضا عارية لا بناء فيها.

مباشرة بعد انتهاء فاطمة العسري من عمليات التحفيظ، قامت في شخص موكلها المحامي جمال المنظري، الذي يؤكد العديد من ساكنة الحي أنه ليس إلا ابنها برفع دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية للرباط ضد الجماعة الحضرية لسلا تدفع فيه “بأن الجماعة الحضرية منحت قرارات بالبناء العشوائي لمجموعة من الخواص فوق عقارها…” لتأخذ بعد ذلك القضية مسارات أخرى أدخلت هذه المرة الجماعة الحضرية لسلا كطرف أساسي في القضية.

بتاريخ 24/10/08 ستنظر المحكمة الإدارية بالرباط في مسارات هذه القضية تبعا للمقال التي تعرض فيها فاطمة العسري: “أنها مالكة العقار المسمى –بلاد بن الصغير– ذي الرسم العقاري عدد 50764/ر الكائن بحي الانبعاث- دوارالشيخ المفضل، والذي تبلغ مساحته 4هكتار،27آرو87س، وأن الدولة والجماعة الحضرية لتابريكت سلا، منحت قرارات بالبناء العشوائي لمجموعة من الخواص فوق عقارها مما جعلها تتقدم بطلبات إيقاف تنفيذ وكذا إلغاء تلك القرارات..”

المبالغ التي طالبت بها المدعية كانت كبيرة، وجعلت الجماعة الحضرية تدور حول نفسها، فقد رأت المدعية في شخص محاميها أن التعويض عن الضرر الذي لحقها ينبغي الحكم له “بتعويض مسبق قدره 100000درهم مع الحكم تمهيديا بإجراء خبرة لتحديد قيمة مجمل مساحة العقار لتحديد التعويض عن الحرمان من الاستغلال، والحكم على المدعى عليهم متضامنين فيما بينهم بأدائهم لها مبالغ التعويض المسبق مع حفظ حقها في تحديد التعويض النهائي إلى مابعد الخبرة مع الفوائد القانونية..”

المحكمة الإدارية ستكون في غاية الكرم مع المدعية رغم أنها لم تستجب لمطلب 10 ملايير سنتيم إلا أنها حكمت للسيدة فاطمة العسري بتاريخ 12/10/2010 بتعويض قدره 24.750.000 درهما أكثر من ملياري و400 مليون سنتيم تؤذيها الجماعة الحضرية في شخص رئيسها، على أساس 3000درهما للمتر المربع من المساحة المخصصة للمرافق العمومية المنجزة بالأرض المعنية بالدعوى.

اترك تعليقاً

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *