بعد الدقيق الملوث.. دواء الحيوانات للمغاربة! من يوقف العبث بصحة المواطن؟

هاشتاغ
في مشهدٍ صادم يعيد طرح السؤال المؤلم: من يحمي صحة المغاربة؟
لا تزال قاعة البرلمان تهتز من وقع تصريحاتٍ متتالية تكشف حجم الاستهتار الرسمي بصحة المواطن المغربي، بين دقيق مدعّم يُخلط بالأوراق وفضيحة جديدة تفيد بأن دواءً بيطريًا كان يُعطى للبشر خلال أزمة كورونا.

فبعد أيام قليلة من الجدل الذي أثارته مداخلة البرلماني أحمد التويزي حول تجاوزات بعض المطاحن المستفيدة من الدعم العمومي، جاءت النائبة زهرة المومن، الطبيبة الصيدلانية وعضو فريق التقدم والاشتراكية، لتُفجّر قنبلة أخرى تحت قبة البرلمان، عندما صرحت بأن “دواءً يُستعمل للحيوانات تم تقديمه للمغاربة خلال جائحة كوفيد-19”.

تصريحٌ خطير هزّ الرأي العام، لكنه — كالمعتاد — لم يهزّ ضمائر المسؤولين.
فبدل أن يُفتح تحقيق فوري في هذه الاتهامات المروّعة، انشغل بعض البرلمانيين بطلب حذف أقوال النائبة من محضر الجلسة! وكأن الخطر يكمن في الكلام لا في الكارثة نفسها.

البرلمانية المومن، التي تحدثت من موقعها كطبيبة قبل أن تكون سياسية، شددت على أن المغرب ما يزال يفتقد السيادة الدوائية والاكتفاء الذاتي في إنتاج الأدوية، محذّرة من أن “الأزمات تُعرّي هشاشة المنظومة الصحية وتكشف غياب أي مخزون استراتيجي للأدوية”.

لكن المفارقة المؤلمة أن من يُفترض بهم مراقبة الدواء والغذاء، يكتفون بالصمت المطبق.

فهل باتت صحة المغاربة حقل تجارب؟ وهل أصبح التلاعب بالدواء والغذاء مجرد “زلة تقنية” تمرّ دون مساءلة؟

الوقائع الأخيرة تضع أكثر من علامة استفهام على أداء الأجهزة الرقابية، خصوصًا الوكالة الوطنية للأدوية، ووزارة الصحة، ومصالح المراقبة المرتبطة بسلامة المنتجات الاستهلاكية.

فإذا كان البرلمان نفسه يُبلّغ عن “دواء للحيوانات أعطي للبشر”، فكيف يمكن للمواطن البسيط أن يثق في ما يُعرض عليه في الصيدليات والأسواق؟

ما قاله التويزي والمومن ليس مجرد “جدل برلماني”، بل جرس إنذار صارخ يؤكد أن صحة المواطن المغربي تُدار بلا مسؤولية ولا محاسبة.

فحين يُطحن الورق مع الدقيق ويُعطى دواء للحيوان للإنسان فإننا لا نتحدث عن “اختلالات تقنية” بل عن جريمة صامتة ضد شعبٍ يحق له أن يأكل طعامًا سليمًا ويتناول دواءً آمناً.