هاشتاغظ
رغم مرور أكثر من سبع سنوات على انطلاق تجربة البنوك التشاركية في المغرب، لا تزال هذه المؤسسات المالية تعاني من ضعف الإقبال وشكوك واسعة في جدواها.
ورغم أن الهدف من إنشائها كان الاستجابة لتطلعات فئة واسعة من المغاربة الراغبين في معاملات مصرفية متوافقة مع الشريعة، إلا أن الواقع أفرز نتائج مخيبة لدرجة أن كثيرين يتعاملون معها رغم عدم ثقتهم بها ما يطرح علامات استفهام كبرى حول مستقبل هذا القطاع.
في هذا السياق أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق خلال مداخلته في المنتدى الثالث والعشرين للاستقرار المالي الإسلامي المنعقد مؤخرًا بالرباط أن المغرب اختار عن قصد مصطلح “المالية التشاركية” بدل “المالية الإسلامية” لتفادي الإساءة الضمنية لأنواع المعاملات البنكية الأخرى.
وشدد على أن التسمية ليست دينية بالضرورة بل تعاقدية ومبنية على مقاصد الشريعة مشيرًا إلى أن وصف أي منتج مالي بالإسلامي يجب أن يكون منضبطًا بالضوابط الشرعية والفقهية، لا منطلقًا من تصورات أيديولوجية حادة.
وأوضح التوفيق أن عمليات الإقراض البنكي، سواء في الأبناك التقليدية أو التشاركية تخضع لاجتهاد شرعي جماعي ولا يمكن الجزم بكونها ربوية بشكل قطعي لأن ذلك يرتبط بالسياق والمقاصد والنية التشريعية.
كما دعا المسؤولين في قطاع التمويل التشاركي إلى تجاوز الخطابات العقائدية والانفتاح على كافة الأدوات المالية التي تحقق العدالة والشفافية، ولو كانت من صلب النظام التقليدي.
لكن في مقابل هذه المقاربة الواقعية والبراغماتية تظل الإشكالية الأعمق متمثلة في فقدان الثقة. فشريحة واسعة من المواطنين باتت ترى في البنوك التشاركية مجرد نسخة مكررة من الأبناك الكلاسيكية، ولكن بتغليف ديني، خاصة في ظل ارتفاع التكلفة وضعف التفسير الواضح للمنتجات المعروضة، مما جعل الكثيرين يختارون التعامل معها بدافع ديني صرف، دون قناعة اقتصادية حقيقية.
ويطرح هذا الوضع تساؤلاً جوهريًا: هل لا يزال المغرب بحاجة إلى هذه البنوك بصيغتها الحالية؟ أم أن الأجدى هو دمج مبادئ الشفافية والمقاصد الأخلاقية ضمن النظام البنكي العام، دون الحاجة إلى تصنيفات دينية قد تخلق مزيدًا من الالتباس؟
في ظل الأداء الضعيف وعدم تحقيق الأهداف المرجوة يبدو أن مراجعة شاملة لتجربة المالية التشاركية باتت ضرورة وطنية سواء على مستوى الهيكلة او الخطاب أو حتى الأهداف.