بووانو يكتب: أي حكومة هاته التي ابتلي بها المغاربة؟

بقلم: عبد الله بوانو*

أي حكومة هاته التي ابتُلي بها المغاربة؟ لا نكاد ننسى فضيحة من فضائح لهفة عدد من وزرائها للمال العام، حتى تنفجر في وجهها فضيحة أخرى.
أتساءلُ صدقا، إن كان رئيسها ووزراؤها المتورطون جهارا نهارا في تضارب المصالح واستغلال النفوذ، يعرفون ما يفعلون، ويقدرون تداعيات ما يتخذونه من قرارات على سمعة الحكومة وسمعة البلاد، وعلى مستوى ثقة المواطنين في بلادهم ومؤسساتها.
وأتساءل صدقا ما سر كل هذا الإصرار على الريع وعلى استغلال “الهمزة”، مرة تحت عنوان تخفيض رسوم الاستيراد، ومرة باسم تشجيع المقاولات، ومرات بإسناد الصفقات الضخمة لشركات رئيس الحكومة وبعض الوزراء، أو لشركات مقربين منهم عائليا وحزبيا.
ودون أن أذكّر بفضيحة صفقة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، وفضيحة الوزير صاحب شركة السيارة المعلومة، وكذا بـ”همزة” تخفيض رسوم استيراد المواشي واللحوم ومواد استهلاكية أخرى، أريد أن اتوقف عند فضيحة أخرى بطلها وزير الصحة، الذي كنت قد قلت منذ التعديل الذي حمله للحكومة، أن مهمته ستكون هي تأمين تمرير الصفقات لشركات بعينها، معروفة ومعروف ولاء أصحابها.
تفاجأت هذه الأيام، بممارسة غريبة، وغير مسبوقة، داخل وزارة الصحة، تتعلق بإلغاء صفقات قائمة، خاصة بالمناولة، وتحديدا الحراسة والنظافة، هذا الإلغاء تم عن طريق sms وُجِّه لمديري الوزارة على المستوى الجهوي، أُخبروا من خلاله بأن دفاتر التحملات سيتم تغييرها في اتجاه تعديل بعض الشروط، ما يفيد أن كافة الصفقات التي تم إبرامها على مستوى المراكز الاستشفائية والمندوبيات الإقليمية، يتعين إلغاؤها، وإبرام صفقات جديدة على مستوى المديريات الجهوية.
وهذا في لغة الصفقات، يعني أن المبالغ المالية ستكون كبيرة وكبيرة جدا، خاصة أن هناك إشارة في تعليمات الـ sms أن من شروط الحراسة التوفر على مستوى دراسي معين، وأن الأجرة ستكون معادلة للحد الأدنى للأجر، وظني أن هذا الشرط هو فقط لتبرير المبالغ الكبيرة التي سيتم تخصيصها لصفقات المناولة في الحراسة.
وهذا يعني كذلك أن المقاولات والشركات الصغيرة والمتوسطة، لن يكون في استطاعتها المنافسة على الصفقات الجديدة، وهو إقصاء ممنهج احترفته حكومة الصفقات منذ ابتلاء المغاربة بها.
وبالنسبة لي وبكل وضوح، فإن هذا التجاوز الجديد لوزير الصحة مدعوماً من طرف رئيس الحكومة، هو تخطيط لتمكين شركات بعينها من صفقات المناولة في الحراسة والنظافة داخل المؤسسات الصحية، ومحاولة التغطية على ذلك بمبررات واعتبارات، إن كان فيها شيء من الحق، فالمراد بها باطل.
وفضلا عن كون إلغاء الصفقات المبرمة في هذا المجال، تم بطريقة فَجَّة، دون اللجوء للمساطر والمسلكيات القانونية والإدارية المعمول بها، فإنه يهدد بحرمان المؤسسات الصحية والمرتفقين من خدمات الحراسة والنظافة، وسيزيد من معاناة المرضى والأطر الصحية والإدارية على حد سواء.
فإلى أين تسير بنا حكومة الصفقات؟

*رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية بمجلس النواب