هاشتاغ _ الرباط
تناولت صحيفة “لوموند” الفرنسية العملية غير المسبوقة للعفو الضريبي التي أعلنتها الحكومة المغربية مع نهاية السنة الماضية، في إطار قانون المالية لسنة 2024.
ووفقًا لما نشرته الصحيفة، فإن هذه الخطوة أتاحت الكشف عن أصول مالية بقيمة تفوق 100 مليار درهم، ما يعادل حوالي 9.6 مليار يورو، وهو مبلغ فاق التوقعات بشكل كبير وحقق رقما قياسيا مقارنة بالعمليات السابقة، حيث يتجاوز العائد عشرين مرة ما تم تحقيقه خلال عفو 2020. التقرير غير الرسمي الذي أشرف عليه بالتعاون المديرية العامة للضرائب أظهر هذه النتائج المثيرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن العملية، التي تستهدف الأفراد الذين لم يصرحوا بأرباحهم ودخولهم الخاضعة للضريبة قبل يناير 2024، لم تدر للدولة سوى 5 مليارات درهم من العائدات المباشرة. هذا العائد المتواضع يعود إلى العرض السخي الذي قدمته الحكومة، إذ سمح للمستفيدين من العفو بتسوية أوضاعهم بدفع ضريبة منخفضة بنسبة 5% فقط على المبالغ المصرح بها، مقارنة بنسبة 37% المقررة للتسوية في سنة 2025. هذا الإجراء أدى إلى إقبال واسع في الأيام الأخيرة من السنة، ما دفع السلطات الضريبية إلى تمديد ساعات عملها بشكل استثنائي يومي السبت 28 والأحد 29 ديسمبر.
وشددت الصحيفة على أن العملية لم تقتصر على محاربة التهرب الضريبي، بل تهدف أيضًا إلى تنظيم شريحة كبيرة من الاقتصاد غير المهيكل، وهو هدف أكدت عليه تصريحات الحكومة المغربية. ولفتت إلى أن مؤسسات مصرفية كبرى، مثل البنك الشعبي، حرصت على توفير أقصى درجات السرية في تنفيذ العملية.
من جانب آخر، يرى الخبراء الماليون أن المبلغ القياسي المحقق يعكس تراكمًا نقديًا مستمرًا منذ 2020، خاصة مع توزيع مساعدات نقدية استفادت منها ملايين الأسر خلال أزمة كورونا. هذا التراكم تعزز أيضًا مع تطبيق نظام “المساهمة المهنية الفردية” منذ عام 2021، الذي دفع العديد من التجار، ممن يعتمدون بشكل كبير على التعامل النقدي، إلى تحسين أوضاعهم البنكية.
ورغم الأرقام الكبيرة التي كشفتها هذه العملية، فإنها ألقت الضوء على مشكلات جوهرية تتعلق بثقة المواطنين في الإدارة العامة، حيث يظل هناك شعور واسع بعدم ضمان استخدام العائدات الضريبية لتحسين الخدمات العامة كالتعليم والصحة، وفق ما أشار إليه الخبير الاقتصادي مهدي لحلو. هذا الشعور يعكس توجسًا قديمًا لدى شريحة كبيرة من السكان تجاه الدولة، ويثير تساؤلات حول فعالية النظام الضريبي في تحقيق التنمية العامة.