خالد بوبكري
رغم التحولات التي شهدها المشهد السياسي خلال السنوات الأخيرة، لا تزال شروط إعادة تركيبه ووضوحه غائبة بشكل شبه تام.
ويبدو أن هيمنة الترويكا الحاكمة (الأحرار البام والاستقلال) مرشحة للاستمرار إلى ما بعد سنة 2026، في ظل عجز القوى السياسية المعارضة (العدالة الاتحاد الحركة التقدم والاشتراكية) عن بلورة مشروع بديل قادر على خلق دينامية جديدة في الحقل السياسي.
التحليل الدقيق للواقع السياسي الراهن يكشف عن معضلة مزدوجة: فمن جهة تفتقر المعارضة الحكومية إلى آليات التنسيق والعمل المشترك وهو ما يعطل إمكانية إنتاج “تكتل” ذي وزن، قادر على التأثير في موازين القوى.
ومن جهة أخرى تفتقر كل هذه القوى لرؤية سياسية واضحة تتجاوز منطق المواقف الظرفية وردود الأفعال نحو مشروع متكامل يقدم تصورا بديلا.
إن استمرار هذا الوضع لا يخدم فقط الترويكا الحكومية (مصطلح “الترويكا” مشتق من مصطلح روسي ويعني عربة بثلاثة أحصنة) ، بل يهدد باندثار المعارضة تدريجيا خاصة في ظل تراجع الثقة الشعبية في الأحزاب التقليدية والوطنية وفشلها في تقديم خطاب سياسي يستجيب لتطلعات المواطنين.
وفي غياب مبادرة سياسية حقيقية تستند إلى رؤية إصلاحية ومصداقية ميدانية، فإن الفضاء السياسي مهدد بالتحول إلى مجرد مسرح لإعادة إنتاج نفس النخب بنفس الأدوات، ونفس منطق التدبير.
خلاصة القول، إن الأزمة التي يعيشها الحقل السياسي ليست فقط أزمة توازنات بل هي أزمة أفكار ومشاريع، وإذا لم تبادر النخب السياسية المعارضة إلى تجاوز تشتتها وبناء أرضية مشتركة للحوار والعمل فإن السيناريو الأقرب سيكون استمرار حالة الجمود وربما انسحاب قطاعات أوسع من المواطنين من الفعل السياسي ما سيعزز هيمنة الوضع القائم لسنوات قادمة.