“تحدي خربوشة”.. عودة للتراث المغربي الأصيل

ليلى قوام المنصورية
أحيت فتيات مغربيات التراث المغربي القديم بمشاركتهن في عمل جماعي أطلق عليه اسم “تحدي خربوشة”، و الذي انتشر على موقعي “تيك توك”، و “الفايسبوك” خلال الأيام الأخيرة.
استطاعت المشاركات في هذا التحدي الذي كان أشبه بالتظاهرة الشعبية أن يبرزن ما يتميز به الزي المغربي من أصالة و أناقة و احتشام، و ما تتميز به الثقافة المغربية من تنوع لغوي و ثقافي .
تجدر الإشارة إلى أن أصل هذا التحدي المستوحى من الثراث المغربي القديم يعود الى البطلة المسماة “خربوشة” التي تعددت أسماءها بين “حادة” “حويدة” “زروالة” و “الكريدة”، التي استطاعت بواسطة لسانها الذي كان ينطق كلاما موزونا في الشعر و الحكمة أن تقف أمام جبروت و طغيان قائد قبيلة عبدة آنذاك “عيسى بن عمر الثمري” المشهور بقوته و صلابته و شدته، حيث قال عنه الشيخ العلامة المختار السوسي ” لا عيب فيه إلا بكثرة الفتك بأهل قبيلته”، فقد كان من أكثر القواد الجهويين أهمية في الإمبراطورية الشريفة نهاية القرن 19 بإقليم عبدة.
و في تفسير لسبب تسميتها “خربوشة” ، تشير بعض المصادر أنها تعود لكونها كانت مصابة بمرض “الجذري” و بقيت آثار الثقوب و الندبات في وجهها، أماعن تسميتها “زروالة” فتعود لكونها كانت ذات عينين زرقاوتين، أما “الكريدة” فلقبت بها لشعرها الأجعد .
كانت المسفيوية العبدية الثائرة “خربوشة” تتمتع بموهبة نظم الشعر و القصائد التي كانت تواجه بها “المخزن” و تهج بها القائد “عيسى بن عمر” و تتحداه، و تحشد الناس و تحرضهم ليواجهوا ظلمه و جبورته.
و في نفس السياق يذكر أن القائد “عيسى بن عمر” دخل في صراع مع قبيلة “ولاد زايد” التي تنحدر منها “خربوشة” التي كانت له بالمرصاد بأبياتها الموزونة، و التي جاء في إحداها:
خربوشة ماشي قصارة وركزة.. خربوشة نخوة وعزة.. تشفي الجراح وقت الحزة.. فينك أعويسة..وفين الشان والمرشان.. تعديتي وخسرتي.. الخواطر وظنيتي القيادة على الدوام.. في أيامك الجيد مابقالو شان.. والرعواني زيدتيه القدام
سير أعيسى بن عمر أوكال الجيفة.. ويا قتال خوتو.. ومحلل الحرام.. عمر الظالم ما يروح سالم.. وعمر العلفة ماتزيد بلا علام…
تحدي “خربوشة” الذي انتشر مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي هو عبق من رحيق التراث المغربي العريق، أحيته فتيات مغربيات، استطعن من خلاله أن يعدن بالزمن للواراء، لارتداء بعض الأزياء التقليدية “كاللحاف” و “الجلباب” و “القفطان”، كما أنهم لم يستغنوا عن التزين بمواد تقليدية أيضا ك “السواك” و “الكحل” و “العكر الفاسي” إضافة إلى “الوشم” الذي استلهمنه من البطلة “خربوشة” و الذي له دلالة تاريخية و رمزية خاصة في الثقافة الأمازيغية التي تعطيه دلالات كثيرة “كالحفظ و الصون من الإصابة بالعين و الأمراض”.
و حسب ما ورد في مواقع التواصل الاجتماعي التي تجاوبت مع الفكرة بالإيجابية فإن “تحدي خربوشة” كان عبارة عن لوحة فنية رسمتها مغربيات برزوا من خلالها اعتزازهم و فخرهم بالتراث المغربي الأصيل، و أعادوا بها الزمان إلى القرن 19 عشر.