مولاي العربي أحمد
يواجه المغرب أزمة مائية حادة بعد سبع سنوات متواصلة من الجفاف ما أدى إلى تراجع الإنتاج الزراعي في مناطق واسعة، بينما تعتمد بعض الضيعات الحديثة على محطات تحلية مياه البحر لري المزروعات الموجهة للتصدير.
وتعد محطة أكادير في جهة سوس ماسة البداية لموجة من المشاريع العملاقة، التي تراهن عليها الدولة للحفاظ على استمرارية الأنشطة الزراعية كثيفة الاستهلاك للمياه، مثل زراعة الطماطم والحوامض.
رغم الفوائد الظاهرة، يثير الاعتماد على التحلية أسئلة اقتصادية وبيئية هامة. فهذه المحطات تتطلب استثمارات ضخمة، وصيانة دائمة، واستهلاكاً كبيراً للطاقة، غالباً من مصادر غير متجددة، ما قد يفاقم الانبعاثات الكربونية.
كما يحذر خبراء البيئة من الأثر السلبي لتصريف الأملاح الزائدة في البحر، الأمر الذي قد يضر بالتوازن البيئي والساحلي ويؤثر على الصيد كمصدر رزق أساسي لسكان المناطق الساحلية.
وعلى صعيد السياسة المائية، يمثل الاعتماد على التحلية حلّاً إسعافياً أكثر من كونه إصلاحاً مستداماً. فغياب إصلاحات شاملة، مثل ترشيد الزراعات عالية الاستهلاك للمياه، تحديث شبكات السقي، واستعمال تقنيات الزراعة الذكية، يجعل الدولة عرضة لضغوط متزايدة مع كل موسم جفاف.
التحلية وحدها لا تكفي لمعالجة أزمة أعمق تتعلق بإدارة المياه بطريقة استراتيجية متكاملة لذلك، يدعو المختصون إلى تبني نهج متوازن يجمع بين توسيع التحلية بالاعتماد على الطاقات المتجددة، والإصلاح الهيكلي للقطاع الزراعي، وترشيد الاستهلاك، بالإضافة إلى تعزيز التوعية البيئية لدى الفلاحين والمستهلكين.
هذا التكامل من شأنه أن يحول التحلية من مجرد حل تكميلي قصير المدى إلى أداة فعالة لضمان أمن مائي مستدام، يحمي الأجيال القادمة ويوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.