تراجع الولادات يقلق أوروبا… والمغرب في مفترق ديمغرافي جديد

#هاشتاغ
في تحول لافت لسياسات الأسرة في بريطانيا، دعت وزيرة التعليم بريدجيت فيليبسون الشباب البريطاني إلى إنجاب مزيد من الأطفال، محذرة من “تداعيات مقلقة” لانخفاض معدل المواليد في البلاد. تصريحات المسؤولة البريطانية، التي نُشرت في صحيفة التليجراف، جاءت لتعكس قلقًا متزايدًا لدى الحكومات الغربية من الانعكاسات المستقبلية للشيخوخة السكانية وتقلص القوى العاملة.

أوضحت فيليبسون أن ارتفاع تكاليف المعيشة، من إيجار وسكن إلى رعاية الأطفال، دفع الكثير من الشباب إلى التردد في تكوين أسر. وأضافت أن حكومتها ستعمل على تحسين نظام الطفولة المبكرة وتقديم دعم فعّال للأسر، بما في ذلك معالجة أزمة رعاية الأطفال، لإزالة الحواجز أمام من يرغبون في الإنجاب.

ولا تقتصر هذه المخاوف على بريطانيا وحدها؛ ففي فرنسا، أطلق الرئيس إيمانويل ماكرون مبادرة تشمل فحوصات خصوبة مجانية للشباب بين 18 و25 عامًا لتشجيعهم على الإنجاب المبكر. أما إيطاليا، فقد وضعت هدفًا طموحًا بتسجيل 500 ألف ولادة سنويًا، في محاولة لمواجهة واحدة من أعلى نسب الشيخوخة في أوروبا، وهي السياسة التي تقودها رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني.

في المقابل، يعيش المغرب مرحلة انتقال ديمغرافي صامتة، حيث انخفض معدل الخصوبة إلى حوالي 2.3 طفل لكل امرأة في السنوات الأخيرة، بعد أن كان يتجاوز 5 أطفال في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. ويُعزى هذا الانخفاض إلى التحول الحضري، وتحسن الولوج إلى التعليم والصحة الإنجابية، إلى جانب تغير القيم الاجتماعية والاقتصادية لدى الشباب المغربي.

ورغم هذا التحول، لم تعلن الحكومة المغربية حتى الآن عن سياسة ديمغرافية واضحة للتعامل مع التحديات المحتملة، كتقلص قاعدة دافعي الضرائب، أو تزايد الضغط على منظومة التقاعد، وهي قضايا بدأت تطرح بحدة في أوروبا. في المقابل، ما تزال العديد من الأسر المغربية تعاني من صعوبات اقتصادية تؤثر بشكل مباشر في قرار الإنجاب، خصوصاً في ظل ضعف دعم الدولة للطفولة المبكرة والرعاية الأسرية.

الخبراء يرون أن المغرب، رغم تفاديه حتى الآن أزمة شيخوخة حادة، بحاجة إلى استباق تحديات السنوات القادمة بسياسات تحفّز التوازن الديمغرافي وتدعم الأسر الشابة، سواء عبر تخفيض كلفة المعيشة أو تحسين الخدمات الاجتماعية. ومع بدء دول أوروبية في تحويل ملف الإنجاب إلى أولوية استراتيجية، يبدو أن المغرب مدعو بدوره إلى التفكير في سياسة سكانية مرنة تراعي متطلبات التنمية والعدالة الاجتماعية في آن.