تعديلات في المقترح الأمريكي حول الصحراء لتفادي الفيتو وتهدئة الانقسامات داخل مجلس الأمن

هاشتاغ
كشفت مصادر دبلوماسية من داخل الأمم المتحدة أن النسخة الأولى من مشروع القرار الأمريكي حول الصحراء الغربية كانت أكثر حدة في تأييدها للموقف المغربي، قبل أن تخضع لتعديلات طفيفة هدفت إلى تهدئة الخلافات داخل مجلس الأمن وتفادي احتمال استخدام حق النقض “الفيتو” من طرف بعض القوى الكبرى.

المشروع، الذي يُنتظر التصويت عليه يوم الخميس، تقدمت به الولايات المتحدة بصفتها “حاملة القلم” في ملف الصحراء، ويؤكد على اعتبار مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب سنة 2007 “الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية” لحل النزاع. غير أن الصيغة الأولى من النص، حسب نفس المصادر، كانت تميل إلى تقديم دعم صريح لسيادة المغرب على الإقليم، وهو ما أثار تحفظ عدد من الدول الأعضاء، خاصة من داخل المجموعة الإفريقية ودول أمريكا اللاتينية.

وبحسب دبلوماسيين في نيويورك، فإن فرنسا دعمت الموقف الأمريكي بقوة، معتبرة أن “الوقت قد حان لتثبيت مقاربة واقعية ودائمة”، في حين طالبت روسيا والصين بتعديلات “تضمن توازناً أكبر في اللغة المعتمدة” وتُبقي الباب مفتوحاً أمام خيار “تقرير المصير” كما ورد في القرارات السابقة للأمم المتحدة. أما الجزائر، التي لا تشغل حالياً مقعداً في المجلس، فقد كثفت تحركاتها في الكواليس عبر بعثتها لدى الأمم المتحدة لحثّ بعض الدول الأعضاء على عدم التصويت لصالح النص الأمريكي بصيغته الأصلية.

المصادر نفسها أكدت أن واشنطن وافقت في الساعات الأخيرة على إدخال تعديلات محدودة على مستوى الصياغة، أبرزها حذف عبارات كانت تُفهم كإقرار مباشر بـ “السيادة المغربية الكاملة على الإقليم”، واستبدالها بصيغ أكثر دبلوماسية مثل “تحت سيادة المغرب” أو “ضمن مقترح الحكم الذاتي”.

ويبدو أن هذه المرونة الأمريكية تهدف إلى ضمان تمرير القرار بأغلبية مريحة داخل المجلس، خصوصاً أن واشنطن تسعى إلى تجنب أي مواجهة مع موسكو أو بكين في ظل الأجواء الدولية المشحونة بسبب أزمات أوكرانيا والشرق الأوسط. كما أنها تراهن على تمرير نص يكرس، ولو بصيغة مخففة، الاعتراف الدولي بالمقاربة المغربية دون أن يُحدث انقساماً علنياً بين الأعضاء الدائمين.

في المقابل، عبّرت مصادر مغربية عن تفهمها للطابع التوافقي للتعديلات، مؤكدة أن “جوهر النص لم يتغير، وما زال يضع الحكم الذاتي كخيار وحيد واقعي وقابل للتطبيق”. بينما وصفت “جبهة البوليساريو” التعديلات بأنها “محاولة تجميلية” لا تُخفي “انحياز المشروع الأمريكي للمغرب”، وفق ما ورد في بيان نُشر على موقعها الرسمي.

ويرى مراقبون في نيويورك أن هذه التطورات تعكس حساسية ملف الصحراء داخل مجلس الأمن، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيق توازن دقيق بين دعمها التقليدي للرباط والحفاظ على وحدة المجلس في مواجهة الملفات الإقليمية الأخرى.

ومع اقتراب موعد التصويت، تشير المؤشرات الأولية إلى أن المقترح الأمريكي المعدّل سيحظى بدعم الأغلبية، ما سيمنح المغرب مكسباً سياسياً جديداً في نزاع طال أمده، ويؤكد في الوقت نفسه أن لغة الدبلوماسية لا تزال السبيل الوحيد لضمان استقرار المنطقة المغاربية.