تعويضات قانون السير تثير غضب البرلمان والمواطنين

في جلسة مشحونة داخل مجلس النواب، يوم الاثنين 13 أكتوبر 2025، وجهت البرلمانية قلوب فيطح انتقادات نارية إلى وزير العدل عبد اللطيف وهبي، متهمة وزارته بـ”التقاعس والتواطؤ الضمني” في الإبقاء على نظام تعويضات مهين لضحايا حوادث السير، وصفته بوضوح بأنه “عار على منظومة التشريع الوطني”.

البرلمانية كشفت بالأرقام أن الظهير المؤطر لتعويضات حوادث السير الصادر سنة 1984 لم يعرف أي تعديل منذ أكثر من أربعة عقود، في وقت تغير فيه كل شيء: الأسعار، الأجور، والمستوى المعيشي. ورغم ذلك، تقول فيطح، ما تزال شركات التأمين تحقق أرباحًا خيالية على حساب آلام المواطنين، بينما تتفرج وزارة العدل “بصمت غير مبرر”.

وخلال مداخلتها، لم تتردد في وصف المنهجية المعتمدة في احتساب التعويضات بـ”العبثية”، إذ لا تزال تعتمد على الحد الأدنى للأجر السنوي المحدد في 9270 درهمًا فقط، أي ما يعادل 772 درهمًا شهريًا — رقم “مهين”، كما قالت، لا يليق بكرامة الإنسان، ولا يعكس واقع الحياة في المغرب اليوم، خاصة بالنسبة للطلبة، والتلاميذ، والعاملين في القطاع غير المهيكل.

وأضافت فيطح أن هذا النظام يتناقض بشكل صارخ مع مدونة الشغل التي تحدد الحد الأدنى للأجر بـ 17.10 دراهم للساعة، أي 3266 درهمًا شهريًا على الأقل، معتبرة أن غياب التنسيق بين النصوص القانونية يُظهر ضعفًا في أداء وزارة العدل وعجزها عن تحديث ترسانتها التشريعية.

أما الكارثة الحقيقية، حسب قولها، فتتجلى في التعويض المعنوي عن الوفاة الناتجة عن حوادث السير، والذي لا يتجاوز 13.905 دراهم فقط، مبلغ وصفته البرلمانية بأنه “إهانة لكرامة الأسر المكلومة” و”صفعة في وجه العدالة الاجتماعية”.

وختمت فيطح مداخلتها بتساؤل لاذع موجه مباشرة إلى وهبي:
“إلى متى سيبقى هذا القانون المهين وصمة عار على جبين العدالة المغربية؟ وهل تنتظرون أن تتحرك شركات التأمين لتعديل النص بدل الوزارة الوصية؟”

مداخلتها أحدثت صدى واسعًا داخل القبة، ووضعت وزير العدل في موقف حرج، بعد أن اتهمه نواب من المعارضة بـ”حماية مصالح لوبيات التأمين” على حساب الضحايا، مطالبين بإصلاح عاجل وشامل يعيد الاعتبار لضحايا حوادث السير ويضمن عدالة تعويضية حقيقية.

في المقابل، التزم وهبي الصمت المألوف، مكتفيًا بإشارات فضفاضة عن “دراسة الموضوع”، وهو ما اعتبره مراقبون استمرارًا في سياسة المماطلة والتبرير التي أصبحت السمة الغالبة على تدبير وزارة العدل في ملفات اجتماعية حساسة.