هاشتاغ
في مشهد سياسي يثير الكثير من الجدل، يواصل إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، جولاته في عدد من أقاليم المملكة للإشراف على مؤتمرات حزبية إقليمية، والتي من المفترض أن تشكل لحظة ديمقراطية بامتياز يتم خلالها انتخاب القيادات المحلية والجهوية بشكل حر وشفاف. غير أن ما يحدث فعلياً يبدو أنه لا يمت بصلة إلى قواعد الديمقراطية الداخلية التي طالما نادى بها الحزب، ولا إلى الشعارات التي يرفعها لشكر نفسه.
ففي خرق صارخ للأعراف التنظيمية الحزبية، أضحى الكاتب الأول للحزب يتولى بنفسه تعيين الكُتاب الإقليميين والجهويين وأعضاء المكاتب بدل ترك ذلك لعملية الاقتراع الحر التي نصت عليها القوانين الأساسية للحزب. هذا النمط من التدبير القائم على التعيين بدل الانتخاب، أثار سخطاً متزايداً في صفوف مناضلي الحزب، الذين اعتبروا أن ما يجري يفرغ المؤتمرات من مضمونها الديمقراطي، ويحولها إلى مجرد واجهات شكلية لتكريس الهيمنة وفرض الولاءات.
أحد أبرز الأمثلة على هذا النهج ما وقع، أمس، بمدينة الناظور، خلال المؤتمر الإقليمي الخامس للحزب الذي احتضنته قاعة الوحدة في أجواء مشحونة بالتوتر والترقّب، بحضور إدريس لشكر شخصياً، إلى جانب عدد من المناضلين والمناضلات القادمين من مختلف جماعات الإقليم.
المؤتمر، الذي يفترض أن يكون لحظة توحيد للرؤى وترسيخ للديمقراطية الداخلية، تحوّل إلى ساحة صراع بين تيارين متنافرين داخل الحزب، يقودهما كل من النائب البرلماني ورئيس جماعة إعزانن محمد أبركان، ورئيس جماعة الناظور سليمان أزواغ. وانقسمت القاعة إلى معسكرين، كل منهما يطالب بتمثيلية سياسية وتنظيمية تعكس ثقله داخل الإقليم.
ورغم الأجواء المشحونة، خرج إدريس لشكر بقرار مثير للجدل، يقضي بتجديد الثقة في محمد أبركان كاتباً إقليمياً لولاية جديدة، مع تعيين سليمان أزواغ نائباً له، في خطوة وُصفت بمحاولة لاحتواء الصراع وضمان نوع من “التوازن الصوري” داخل التنظيم المحلي.
غير أن هذه التعيينات لم تسهم سوى في تعميق الأزمة، حيث اعتبر أنصار أبركان أن القرار تكريسٌ لمكانته داخل الحزب، في حين اعتبره أنصار أزواغ تحايلاً على مطالب التغيير وتجديد النخب.
وما يثير الاستغراب في هذا السياق، هو إصرار إدريس لشكر على تصدير خطابات تطالب الدولة والحكومة باحترام الديمقراطية، في الوقت الذي تمارس فيه القيادة الحزبية منطق التعيين والتحكم داخلياً، في تناقض صارخ بين الخطاب والممارسة.
ويؤكد متتبعون أن ما جرى في مؤتمر الناظور ليس سوى جزء من نمط سياسي يتبعه لشكر منذ سنوات، قائم على “تدبير الولاءات” عوض “إدارة الاختلافات”، وهو ما أدى إلى تهميش العديد من الكفاءات الحزبية وخلق حالة من النفور داخل القواعد التنظيمية.