تقرير دولي: المغرب يتراجع معرفياً وتعليمياً بشكل ينذر بأزمة مستقبلية

أظهرت نتائج مؤشر المعرفة العالمي 2025 أن المغرب يعيش مفارقة مقلقة: مكاسب اقتصادية محدودة يقابلها تراجع خطير في التعليم والبحث العلمي، ما يشكل إنذاراً حقيقياً بخصوص قدرة البلاد على بناء اقتصاد متين قائم على الابتكار والمعرفة في السنوات المقبلة.

فحسب التقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، جاءت المملكة في المرتبة 89 عالمياً من أصل أكثر من 195 دولة، مسجلة 35.9 نقطة فقط، وهو ترتيب يكشف بوضوح محدودية التقدم في القطاعات الحيوية التي تصنع مستقبل الدول.

الأخطر في التقرير هو التراجع الحاد في مؤشرات التعليم والبحث العلمي:
المرتبة 124 عالمياً في التعليم العالي: ضعف جودة التكوين، ضعف الارتباط بسوق الشغل، غياب الابتكار.
المرتبة 107 في التعليم قبل الجامعي: استمرار أزمة المناهج، ضعف تكافؤ الفرص، بنيات مدرسية غير مؤهلة.
المرتبة 114 في البحث والتطوير والابتكار: غياب التمويل، نقص الباحثين، شبه غياب لبراءات الاختراع.

هذه الأرقام تعكس وضعاً يهدد مستقبل الأجيال القادمة ويضع المغرب أمام خطر التأخر أكثر في سباق دولي تقوده الأمم التي استثمرت في المعرفة، وجعلت التعليم محركاً رئيسياً للتنمية.

إلا أن هذا التحسن يبقى هشاً وغير قادر على تعويض ضعف الأداء في القطاعات التعليمية، ما يجعل أي تقدم اقتصادي معرضاً للتراجع إذا لم تُعالج جذور الأزمة المعرفية.

إقليمياً، احتل المغرب المرتبة 12 عربياً، متأخراً عن دول الخليج، الأردن، تونس، وحتى دول أقل غنى لكنها استثمرت في الإنسان والتعليم.
وتظهر هذه الهوة أن المملكة مهددة بفقدان قدرتها التنافسية داخل محيطها إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة.

تؤكد نتائج مؤشر المعرفة أن المغرب بحاجة إلى إصلاح جذري وشامل لمنظومته التعليمية والبحثية، وإلى رؤية واضحة تجعل من المعرفة رافعة أساسية للتنمية، وليس مجرد شعار في الوثائق الرسمية.

فالرهان اليوم لم يعد اختيارياً… إما الاستثمار في المعرفة، أو مواجهة مستقبل غامض يهدد الاقتصاد والمجتمع معاً.

إنه إنذار مبكر يجب التعامل معه بجدية قبل أن تتحول الفجوة المعرفية إلى أزمة بنيوية تعطل قدرات المغرب في عالم تُشكِّل فيه المعرفة القوة الحقيقية للدول.