أصدرت مجموعة العمل الموضوعاتية (المؤقتة) حول الأمن الغذائي بالمغرب بمجلس المستشارين، تقريرا حول وضع الأمن الغذائي ببلادنا، ومدى تحقق خيار “السيادة الغذائية”، تماشيا مع ما سبق وجاء في خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية الأولى من السنة التشريعية لسنة 2021 (8 أكتوبر)، حين ركز جلالته على أن الأزمة الوبائية لجائحة كوفيد قد أبانت: “عن عودة قضايا السيادة إلى الواجهة، والتسابق من أجل تحصينها في مختلف أبعادها، الصحية والطاقية والصناعية والغذائية”. مشددا جلالته على “ضرورة إحداث منظومة وطنية متكاملة تتعلق بالمخزون الإستراتيجي للمواد الأساسية، لاسيما الغذائية والصحية والطاقية، والعمل على التحيين المستمر للحاجيات الوطنية بما يعزز الأمن الإستراتيجي للبلاد”، تفاعلا مع التوجيهات الملكية السامية، بادر رئيس مجلس المستشارين السيد النعمة ميارة إلى عقد اجتماع يوم 13 أبريل 2021، تم فيه تشكيل لجنة عمل موضوعاتية خاصة بالأمن الغذائي بالمغرب، ضمت في عضويتها ممثلين عن الفرق البرلمانية (12 مستشارا)، التي بادرت إلى تنظيم ندوة دولية بتاريخ 7 يوليوز 2022، حول موضوع “السيادة والأمن الغذائي بين تحديات الظرفية العالمية ورهانات الأمن الإستراتيجي”، بمشاركة قطاعات وزارية ومنظمة الفاو الأممية، والشبكة البرلمانية للأمن الغذائي والبرلمان العربي وبرلمان دول الأنديز وبرلمان المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا وبرلمان البحر الأبيض المتوسط والجمعية البرلمانية لمجلس أروبا وعدد من الخبراء الإقتصاديين. وهي الندوة الهامة التي تناولت من بين ما تناولت دور التشريعات الجديدة لدعم المنظومات الغذائية وقضايا الأمن الغذائي بالمغرب.
واعتمد التقرير منهجية تتأسس على مقاربة استنباطية ارتكزت على آليات ثلاث (استقراء الأدبيات المرتبطة بموضوعة الأمن الغذائي/ زيارات ميدانية استطلاعية همت سوق الجملة للخضر بالدار البيضاء، مركز الحليب دانون بالجديدة، مجموعة كوزيمار للسكر بالدار البيضاء، مجموعة زيوت لوسيور بالدار البيضاء، مجموعة دليسفياند بالمحمدية، علف مبروك ببوزنيقة، قطب الصناعات الفلاحية بمكناس، وحدات إنتاج المصبرات بمكناس، المجازر البلدية بالدار البيضاء، مجموعة المطاحن الكبرى بالدار البيضاء/ ثم آلية استماعية من خلال جلسات حوار تواصلية مع وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، مع الرئيس المدير العام لمجموعة القرض الفلاحي، مع المدير العام للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الفلاحية، مع المدير العام لوكالة التنمية الفلاحية).
وبعد أن توقف التقرير مطولا وبتفصيل عند “التطور التاريخي لمسألة الأمن الغذائي” و “الإطار المفاهيمي لمعنى الأمن الغذائي” و “المرتكزات الأساسية للأمن الغذائي” و “مؤشرات رصد الأمن الغذائي” و”الوضعية الراهنة للأمن الغذائي”، انتقل إلى مقاربة الإطار المرجعي الوطني والسياسات والبرامج المعتمدة ضمن الأمن الغذائي بالمغرب (من قبيل مخطط المغرب الأخضر / مخطط الجيل الأخضر / مخطط أليوتيس البحري / الإستراتيجية الوطنية للتغذية). ثم الآليات الوطنية للأمن الغذائي بالمغرب وسلاسل الإنتاج والمؤشرات الوطنية للأمن الغذائي والتغذية. مع خلاصات وتوصيات. تلك الخلاصات والتوصيات التي ركزت على مسألة “التخزين الإحتياطي، تأسيسا على التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات حول المخزونات الإحتياطية بالمغرب لسنة 2015. وكذا حول الإختلالات التشريعية والإختلالات التنظيمية (عجز على مستوى طاقات التخزين وتكوين المخزونات وعدم فعالية الآليات التمويلية المعتمدة). ثم تشتت الفاعلين مما يؤثر على عمليات التتبع والمراقبة والنجاعة، وكذا هيمنة التخزين التقليدي بالمستودعات بنسبة 65 % من السعة الإجمالية مقارنة بالتخزين في الصوامع (stokage en silo)، الذي يوفر تخزينا أكثر جودة وتتبعا أسهل وأكثر دقة. متوقفا عند سلسلة قطاع الحبوب الذي يعتبر من الضمانات المحورية للأمن الغذائي بالمغرب، الذي سجل بخصوصه:
– تدهور جودة إنتاج الحبوب
– وجود شوائب متعددة ناجمة عن عمليات الحصاد وشكلها وتقنياتها.
– عدم ملائمة ظروف التخزين.
– مشكل التعايش والتواؤم بين المنتجات المستوردة والإنتاج المحلي.
مع توجيه ملاحظات نقدية مدققة لإدارة الرسوم الجمركية عبر تعداد لجملة اختلالات ضمن منظومة عملها واشتغالها، قبل الإنتقال إلى جملة ملاحظات وخلاصات متعلقة بسلسة إنتاج الفواكه والخضر (أسواق الخضر بالجملة، سلسلة إنتاج اللحوم، سلسلة الدواجن، سلسلة إنتاج السكر، سلسلة النباتات الزيتية).
ليخلص التقرير إلى إصدار توصيات ذات بعد استراتيجي من ضمنها “إحداث مؤسسة وطنية مستقلة للسيادة والأمن الغذائي بالمغرب” وكذا تسريع تنزيل السجل الإجتماعي الموحد لتسهيل مسار إصلاح منظومة المقاصة، وتقوية نظم الرصد الغذائي لمواكبة الأهداف الإنمائية للألفية وملائمة المؤشرات الوطنية مع معايير ومتطلبات الأمن الغذائي الجديدة. ثم الإنخراط في دينامية التحول الرقمي وجعل الرقمنة آلية فعلية ملموسة لتمكين كل الفاعلين في مجال الفلاحة من الولوج السريع إلى المعطيات والمعلومات الفلاحية وكل ما يرتبط بالصناعات الغذائية. وكذا تعزيز الإكتفاء الذاتي وتقليص نسبة التبعية الغذائية إلى الخارج، خاصة بالنسبة للمواد الإستهلاكية الحيوية (القمح، السكر، الزيوت، البذور والأسمدة).. ثم سن قوانين تشريعية مناهضة للهذر الخاص بالمنتجات الفلاحية. وتقديم توصيات محددة أخرى خاصة بنظم التخزين الفلاحي والغذائي، وأخرى خاصة بمجال الحكامة في مجالات التغذية والسلامة الغذائية وتحسين مؤشرات المنظومة الصحية وبمجال آليات المراقبة وسلاسل الإنتاج (اللحوم، الدواجن، أسواق الجملة، الحبوب، السكر، الزيوت، الصيد البحري).
و بغية جعل توصيات هذا التقرير أكثر نجاعة وفعالية من خلال تعزيز مكانتها وحضورها النوعي في الاستراتيجيات والبرامج الوطنية المستقبلية للأمن والسيادة الغذائية.
وأوصت المجموعة الموضوعاتية بإحداث آلية تقنية تخول لها مهمة السهر على مواكبة وتتبع وتقييم تنزيل مضامين تقرير المجموعة الموضوعاتية المؤقتة حول الأمن الغذائي بالمغرب.
Comments are closed.