هاشتاغ _ الرباط
المغرب اليوم يقف عند مفترق طرق بين التمسك بالماضي الذي عفا عليه الزمن وبين التطلع إلى المستقبل الذي لا ينتظر المترددين. قطاع النقل يعكس هذا الصراع بأوضح صوره، حيث تواجه التطبيقات الإلكترونية للنقل هجوماً شرساً من أطراف تقليدية تخشى التغيير، وتتحجج بحماية “حقوق السائقين المهنيين”، بينما الواقع يكشف عن مأساة أكبر: غياب رؤية واضحة لتنظيم قطاع ينهار تحت وطأة الفوضى وسوء التسيير.
فلا يمكن إنكار أن النقل عبر التطبيقات الإلكترونية قد أصبح الخيار الأول للمغاربة الباحثين عن خدمات تتسم بالجودة، الراحة، والشفافية. المواطنون اختاروا هذه التطبيقات لأن سيارات الأجرة التقليدية لم تعد تلبي احتياجاتهم. خدمات متردية، كلفة غير مبررة، وسلوكيات منفلتة دفعتهم للجوء إلى بدائل عصرية تلبي تطلعاتهم اليومية.
ورغم ذلك، نرى من يحاول شيطنة هذه التطبيقات ووصمها بالفوضى، وكأن المشهد العبثي الذي تعيشه الشوارع المغربية اليوم من مطاردات وصدامات هو نتيجة لهذه الابتكارات وليس إخفاقاً ذريعاً في تنظيم القطاع.
وبدلاً من مواجهة هذا الواقع بشجاعة، تتجه بعض الأصوات إلى مقاومة التغيير بحجج واهية، متناسية أن السوق تحكمها قواعد العرض والطلب، والحل لا يكمن في إيقاف هذه التطبيقات أو التضييق عليها، بل في إدماجها ضمن إطار قانوني حديث يضمن التوازن بين حماية حقوق السائقين التقليديين وتشجيع الابتكار.
إن تجاهل هذا الخيار هو بمثابة إصرار على البقاء في مستنقع الفوضى، في وقت تتسابق فيه دول العالم نحو التحول الرقمي وتنظيم القطاعات الحيوية بما يواكب التطورات التكنولوجية.
كما أن التأخر في تقنين النقل عبر التطبيقات لا يخدم سوى طرف واحد: الفوضى. هذا القطاع، الذي أثبت نجاحه في كبريات العواصم العالمية، يظل مكبلاً في المغرب بسبب غياب نصوص قانونية واضحة تحمي جميع الأطراف. وفي ظل هذا الفراغ، يتحول المواطن إلى ضحية لصراع لا علاقة له بمصلحته، بينما تتفاقم مشكلات القطاع دون حلول جذرية.
المغرب بحاجة إلى قرارات جريئة تنحاز إلى المستقبل، حيث أن التطبيقات الإلكترونية ليست خصماً، بل فرصة لإصلاح قطاع متعثر منذ سنوات، باعتبار أن الاعتراف بها وتنظيمها ليس فقط ضرورة قانونية، بل هو أيضاً واجب أخلاقي تجاه المواطن الذي يستحق خدمة تحترم إنسانيته ووقته.