مريم المتوكل/متدربة
من بريستول الهادئة غرب إنجلترا إلى قلب مراكش النابض، تبدأ حكاية جايمس، الشاب الإنجليزي البالغ 22 عاماً، الذي جاء بحثاً عن تجربة مختلفة، فوجد نفسه يعيد اكتشاف ذاته، وإيمانه، وحياته كلها من جديد.
حكاية شاب لم يكن يتوقع أن تتحول زيارة عابرة إلى قرار استقرار… ثم إلى ولادة روحية كاملة.
الطفولة في بريستول… والبداية من الملاعب
نشأ جايمس في مدينة بريستول البريطانية، وتخصص في الرياضة خلال دراسته الجامعية، محاطاً بطموحات الشباب الإنجليزي المعتادة: العمل في مجال الرياضة، السفر، خوض تجربة خارج الحدود.
لكن شيئاً ما كان ينقصه. كان يبحث، دون أن يدرك ذلك، عن دفء إنساني مختلف، وعن نمط حياة لا يشبه صخب المدن الأوروبية.
مراكش… المدينة التي سرقت قلبه
حين قرر السفر إلى المغرب قبل عشرة أشهر، لم يخطر بباله أن هذا القرار سيقلب حياته رأساً على عقب.
وصل إلى مراكش باحثاً عن عمل وتجربة حياتية، لكنه وجد “بيتاً ثانياً” كما يصفه اليوم.
“الناس طيبون، والحياة زوينة”، هكذا يلخص جايمس انطباعه الأول، وهو يعترف بأن الأيام الأولى كانت كافية ليمنحه إحساساً عميقاً بالانتماء.
تعلّم الدارجة بـ“شويّ شويّ”، وسرعان ما دخل عالم المطبخ المغربي، من الدجاج المحمّر إلى البسطيلة، مروراً بالحلوى التقليدية… ليضحك قائلاً: “الحمد لله استمتعت بزاف”.
مسلم… الحمد لله
الحدث الأكبر في حياة جايمس لم يكن انتقاله إلى المغرب، بل التحول الروحي الذي أعقب ذلك.
في مقابلة عفوية مع مراسل الجزيرة أثناء مباراة المغرب وعُمان في الدوحة، فاجأ جايمس الجميع بقوله الهادئ:
“الحمد لله… أنا مسلم.”
لم يكن القرار لحظة انفعال، بل خلاصة شهور من الاحتكاك اليومي بالمغاربة، ومشاهدة أخلاقهم البسيطة والمتجذرة، ودفء تديّنهم الذي يراه جزءاً من حياتهم وليس مجرد مظهر.
“وجدت الحقيقة والدين الحق”، يقول جايمس وهو يروي كيف ساعده المغرب على فهم الإسلام بعيداً عن الصور النمطية.
حب الكرة… ولكن “ديما مغرب”
ورغم حبه القديم لنادي مانشستر يونايتد، أصبح لقميص المنتخب المغربي مكان خاص في قلبه.
ظهر في الدوحة يرتدي الأحمر والأخضر بفخر، يصرخ وسط الجماهير: “ديما مغرب”.
يقول جايمس إن المنتخب المغربي يمثل بالنسبة له “روح الشعب المغربي”، تلك الروح التي احتضنته ومنحته معنى جديداً للحياة.
خاتمة: جايمس… مغربي بالاختيار قبل القدر
لم يكن جايمس بحاجة لجنسية أو وثيقة رسمية ليشعر بأنه مغربي.
يكفيه أن يسمع أصدقاءه ينادونه “ولد الدار”، وأن يخاطب الناس بلهجة مكتسبة لكنه صادقة:
“تهلّو فراسكم… وديما مغرب.”
بهذه الكلمات، يختصر الشاب الإنجليزي رحلته من بريستول إلى مراكش: رحلة بحث عن الذات انتهت بالوصول إلى وطن جديد… وإيمان جديد.






