مولاي العربي أحمد
في مشهد يعكس عمق العزلة السياسية التي بات يعيشها، خرج إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، بدعوة جديدة لتأسيس جبهة وطنية مدنية تُعنى بمراقبة الانتخابات المقبلة. دعوة لم تجد أي صدى لدى الأحزاب السياسية أو جمعيات المجتمع المدني، التي قابلت المبادرة بالصمت والتجاهل، وكأنها لم تكن. والسبب؟ فقدان الثقة التام في صاحب المبادرة نفسه.
فالرجل، الذي يُتقن فن الخطابة والمناورة، لم يعد يملك الحد الأدنى من المصداقية لدى الفاعلين السياسيين، بعد سلسلة من التراجعات والتنازلات الانتهازية التي طبعت سلوكه السياسي خلال السنوات الأخيرة. آخرها، دعوته المعارضة إلى التوحد وتقديم ملتمس رقابة ضد الحكومة، ثم انسحابه بشكل مفاجئ بعدما التفت حول مبادرته أحزاب أخرى، مُظهراً أنه لم يكن يسعى إلى الفعل السياسي الجماعي، بل إلى مقايضة ظرفية تخدم أجندته الخاصة.
وقبل ذلك، نسج تنسيقًا مع حزب التقدم والاشتراكية، ليعلن بعد أربعة أشهر تنكره الكامل له، ضاربًا عرض الحائط ما تم الاتفاق عليه، ومبددًا ما تبقى من ثقة كانت قد تكونت بصعوبة.
لذلك، لا غرابة أن لا أحد تجاوب مع دعوته الأخيرة. فالجميع بات يعلم أن إدريس لشكر لا يُطلق المبادرات من أجل إنجاحها، بل لاستعمالها كورقة ضغط تكتيكية يُراهن بها على انتزاع مكاسب ذاتية، سواء داخل حزبه أو في سوق توزيع النفوذ السياسي.
إن الحديث عن “جبهة مدنية لمراقبة الانتخابات” قد يكون عنوانًا جذّابًا في الظاهر، لكنه في السياق الذي أطلق فيه، يتحول إلى مناورة حزبية مكشوفة، يراد بها تسويق صورة “الفاعل الديمقراطي” بينما الهدف الحقيقي هو التموقع السياسي والضغط المسبق على السلطات للحصول على حصة في المشهد الانتخابي المقبل.
وفي بلد يحتاج إلى رجال دولة لا إلى تجار سياسة، تبقى دعوات إدريس لشكر بلا أثر ولا وزن، تمامًا كما فقدت كلماته مصداقيتها لدى أقرب المقربين منه.