خالد بوبكري
تشهد الزاوية القادرية البوتشيشية منذ أيام نقاشاً واسعاً حول هوية الخليفة الشرعي لشيخها الراحل جمال القادري البوتشيشي وسط اتهامات بوجود محاولات لتغيير مسار الوصية الشرعية التي زكت شقيقه الأكبر الدكتور منير القادري البوتشيشي شيخاً للطريقة.
ووفق مصادر موقع “هاشتاغ” من داخل الزاوية تمت مبايعة الدكتور منير بالإجماع يوم تشييع جنازة والده بحضور مقدمي الطريقة وأبناء الأسرة البوتشيشية في حين غاب شقيقه الأصغر معاذ القادري عن قراءة الوصية التي وثقها علماء وشرفاء الطريقة.
وتبرز المصادر ذاتها أن وصية التزكية لم تأتي فقط من الشيخ الراحل جمال بل سبقه إليها الشيخ العباس والشيخ حمزة مما جعلها تعرف داخل الزاوية بـ “بشارة العارفين” لكونها امتداداً لسلسلة تزكيات روحية متعاقبة.
وأكد بيان صادر عن رابطة الشرفاء البوتشيشيين أن أي محاولة للانقلاب على هذا المسار “مخالفة للوصية الشرعية ولروح إمارة المؤمنين الحريصة على صون الثوابت الدينية المغربية”.
مصادر متطابقة تحدثت لموقع “هاشتاغ” عن وجود محاولات من داخل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لدعم معاذ القادري الذي تولى في الأشهر الأخيرة تدبير بعض الشؤون المالية للطريقة وسط انتقادات من مريدي الزاوية الذين يتهمون محيطه بـ”التأثير السلبي على وحدة الصف”.
وفي المقابل لم يصدر أي تعليق رسمي من الوزارة حول الموضوع، ما ترك المجال لتأويلات مختلفة حول طبيعة الموقف الرسمي خاصة بعد تداول أخبار عن “توجيه ملكي” مزعوم لدعم معاذ، وهي أخبار لم تؤكدها أي جهة رسمية.
إلى ذلك وجه مريدون مغاربة مقيمون بالخارج رسالة مفتوحة إلى جلالة الملك محمد السادس جددوا فيها ولاءهم لإمارة المؤمنين ودعمهم لمشيخة الدكتور منير، معتبرين أنه “وريث السر المحمدي” و”صاحب الدور البارز في نشر قيم التصوف السني المعتدل وخدمة الفئات الهشة داخل المغرب وخارجه”.
كما شدد البيان ذاته على أن أي تدخل إداري أو سياسي في شؤون الزوايا “قد يهدد وحدة المريدين ويزرع الفتنة داخل الحقل الديني”، مطالبين مؤسسات الدولة بالحياد التام.
ويرى المراقبون أن الملف يتجه نحو تحكيم ملكي لحسم الخلاف في ظل التأكيد المتكرر من داخل الزاوية على الوفاء للعرش العلوي وإمارة المؤمنين. كما يرجح بعض المتابعين أن يقود هذا التحكيم إلى تثبيت الوضع بقيادة الدكتور منير، مع إمكانية إشراك شقيقه الأصغر في بعض جوانب التدبير الإداري لتفادي أي انقسام داخلي.
ورغم حدّة النقاش الدائر يجمع مريدو الطريقة على أن جوهر الخلاف يبقى تنظيميا وإداريا أكثر منه روحيا وأن التصوف البوتشيشي سيظل وفيا لنهجه التاريخي القائم على المحبة والتزكية والارتباط بالمؤسسة الملكية باعتبارها الضامن لوحدة الحقل الديني المغربي.
—