جيل Z المغربي: ماذا نعرف عنه، خصائصه وتحدياته في عالم متغير؟

بقلم: مصطفى أمقداد

في المغرب، كما في باقي دول العالم، يبرز جيل جديد يفرض نفسه بقوة: جيل Z، الذي يضم الشباب المولودين بين منتصف التسعينات وبداية العقد الثاني من القرن الحالي. جيل وُلد في قلب الثورة الرقمية، تربى على الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي، ويعيش اليوم تحولات اقتصادية واجتماعية عميقة تعيد تشكيل تصوراته عن التعليم والعمل والهوية.

تشير الدراسات الحديثة إلى أن أكثر من 90% من الشباب المغربي متصلون بالإنترنت، وأن نحو 43% منهم يقضون بين ثلاث وخمس ساعات يوميًا على وسائل التواصل الاجتماعي.

هذا الانغماس الرقمي يمنح جيل Z المغربي سرعة في الوصول إلى المعلومة، وانفتاحًا على العالم، لكنه في المقابل يعرضه لضغوط نفسية واجتماعية غير مسبوقة، كالقلق والاكتئاب نتيجة المقارنة المستمرة عبر الشبكات.

على غرار أقرانهم في الغرب، يميل شباب المغرب إلى ريادة الأعمال والعمل الحر، مدفوعين بتراجع الوظائف المستقرة وصعوبة الولوج إلى سوق الشغل الرسمي. غير أن الواقع الاقتصادي يفرض عليهم تحديات مضاعفة، إذ تصل معدلات البطالة بين الشباب في بعض التقديرات إلى مستويات تفوق 25%، ما يدفع الكثيرين إلى الهجرة أو العمل في القطاع غير المهيكل.

رغم تشابه الاهتمامات بين جيل Z المغربي ونظرائه في أوروبا أو أمريكا الشمالية—من حيث القيم الاجتماعية، الانفتاح الثقافي، الاهتمام بالبيئة—إلا أن السياق المحلي يفرض خصوصياته.

ففي حين يستفيد شباب الغرب من بنية تحتية رقمية متقدمة وبرامج دعم قوية للتوظيف والتدريب، يواجه الشباب المغربي تفاوتًا بين المدن والقرى في جودة التعليم والولوج للتكنولوجيا.

جيل Z المغربي يعيش أيضًا صراعًا هوياتيًا مميزًا؛ فهو أكثر انفتاحًا على العالم، لكنه أكثر ارتباطًا بعائلته وتقاليده مقارنة بجيل Z في الغرب. هذا المزيج قد يكون مصدر قوة إذا ما أُحسن استثماره في بناء مشاريع اجتماعية وثقافية تجمع بين الحداثة والأصالة.

يتمتع جيل Z في المغرب بقدرات رقمية عالية وشغف بالتعلم الذاتي، ما يتيح له فرصًا واسعة في الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الإبداعي.

لكن هذه الإمكانات لن تتحول إلى واقع ملموس إلا بسياسات تعليمية واقتصادية متجددة: إصلاح التكوين المهني، تشجيع الابتكار المحلي، وتوسيع البنية التحتية الرقمية في المناطق الأقل حظًا.

جيل Z المغربي ليس نسخة طبق الأصل من أقرانه في الخارج، لكنه يتقاطع معهم في كثير من الطموحات والقيم، هو جيل يختزن قوة كامنة يمكن أن تُحدث فرقًا في مسار التنمية الوطنية إذا توفرت له بيئة مواتية. أما استمرار الفجوات البنيوية والاقتصادية فسيؤدي إلى تعميق الإحباط، وربما نزيف الأدمغة نحو الخارج.