جيل Z: حين لفظته الأحزاب واحتضنته مدرجات الملاعب فانتقلت ثقافتها إلى الشارع

خالد بوبكري
لا يمكن قراءة احتجاجات جيل “Z” الأخيرة بمعزل عن الفراغ الكبير الذي خلفه تراجع الأحزاب والنقابات والجمعيات في أداء أدوارها التقليدية.

فقد كان الشارع في عقود سابقة مجالاً مؤطراً تقوده هيئات منظمة تبلور الشعارات وتضبط السلوك الاحتجاجي ضمن سقف سياسي أو اجتماعي واضح.

غير أن ضعف هذه المؤسسات وانشغال نخبها بصراعات هامشية أو بمصالح ذاتية جعل الأجيال الجديدة تبحث عن بدائل تمنحها معنى للانتماء وأدوات للتعبير.

في هذا السياق تحولت مدرجات الملاعب إلى الفضاء الأكثر جاذبية للشباب حيث تتشكل روابط الانتماء عبر الأهازيج والشعارات، ويتغذى الوعي الجماعي من ثقافة مشحونة بالعاطفة والغضب أكثر مما تقوم على التنظيم والعقلانية.

وعندما انتقل هذا الجيل من المدرجات إلى الشارع انتقلت معه رموز وأسلوب الملاعب؛ شعارات متفرقة، سلوكيات عفوية، وأحيانا ممارسات تلامس الفوضى والتخريب.

بهذا المعنى فإن ما نراه اليوم ليس مجرد احتجاجات شبابية عابرة بل تعبير عن أزمة أعمق في الوساطة السياسية والاجتماعية.

فجيل “Z” لم يجد من يحتضنه ويستمع لصوته في المقرات الحزبية أو النقابية والجمعوية، فصاغ لغته الخاصة في مدرجات كرة القدم، ثم حملها إلى الشارع حين قرر المطالبة بحقوقه في التعليم والصحة والعدالة الاجتماعية.

والنتيجة ظهرت لنا جميعا في البيضاء إنزكان ووجدة وسلا… في إنتظار ثورة جديدة بنخب جديدة في الاحزاب والنقابات والجمعيات .