حادث “شاطو بني ملال” يعرّي ضعف خبرة السلطات في إدارة الأزمات الفردية

بني ملال

فجر الحادث المؤلم الذي شهده محيط “شاطو بني ملال” موجة من الانتقادات الحادة تجاه أداء السلطات المحلية، بعد أن تحوّل اعتصام فردي إلى مأساة دموية أودت بحياة رجل من عناصر الوقاية المدنية، وأسفرت عن حالة ذهول واستياء شعبي واسع.

الواقعة كشفت، بوضوح، عن محدودية خبرة السلطات المحلية في التعاطي مع الأزمات النفسية والانفعالات الفردية، خاصة عندما يتعلق الأمر بأشخاص يظهر عليهم اضطراب سلوكي واضح.

فرغم استمرار هذا الوضع غير الطبيعي لأيام، لم تبادر الجهات المعنية إلى احتوائه بأساليب متخصصة وسريعة، بل تركت الأمور تتعفّن ميدانياً دون تدخل فعّال أو خطة مدروسة.

المتتبعون يرون أن السلطات تتحمل قسطاً كبيراً من المسؤولية فيما آلت إليه الأحداث، خصوصاً وأن مؤشرات الخطر كانت ظاهرة منذ اليوم الأول للاعتصام. عدم تفعيل آليات الحوار أو استدعاء متخصصين في علم النفس والسلوك البشري للتعامل مع المعتصم، وتدخل قوات مختصة لشل حركته وسلوكه، ساهم في تصعيد الوضع وتحويله من حالة احتجاج إلى سيناريو دموي كان بالإمكان تفاديه بقليل من الحكمة والكفاءة.

الأخطر في هذا المشهد، كان قرار الزج برجال الوقاية المدنية في تدخل ميداني وُصف بأنه “غير محسوب”، بعدما تم دفع أحد عناصرها إلى محاولة إنقاذ المعتصم المزعوم، الذي تبيّن لاحقاً أنه كان يشكل خطراً داهماً. وقد دفع رجل الإطفاء صحته ثمناً لتقديرات مغلوطة وغياب تنسيق احترافي بين الأجهزة المعنية.

وفي ظل هذه التطورات، تتعالى الأصوات الداعية إلى مراجعة عاجلة لطرق تعامل السلطات مع الأزمات الفردية، وخاصة تلك التي تتقاطع مع قضايا الصحة النفسية.

فحادث “شاطو بني ملال” لم يكن مجرد حادث عرضي، بل إنذار حقيقي بضرورة إعادة تأهيل منظومة التدخل السريع، وتكوين رجال السلطة على أساليب التدبير النفسي والإنساني للأزمات.

الحادث أوجع القلوب، لكنه كشف الكثير مما يجب إصلاحه، قبل أن تتكرر المأساة في وجه آخر، ومكان آخر.